عنوان الموضوع : العقاب... -قصة قصيرة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

العقاب...






تنبّهت سماح للساعة الذهبيّة حول معصمها و تفاجات لمرور الوقت بسرعة و هي تجول في المحلاّت التجاريّة تقتني كل نفيس تاقت له نفسها ؛ فقرّرت العودة الى بيتها قبل موعد رجوع زوجها..
حين وصلت الى المنزل ؛ نزلت من سيّارتها مهرولة وهي تحمل اشياءها الثمينة و ما ان فتحت الباب حتى شدّتها يد من الدّاخل باقصى قوّتها و دفعتها على الارض لتسقط و تتبعثر مقتنياتها..التفتت بذهول لتشرح لزوجها سبب تاخّرها و لكنّها صدمت..لم يكن من دفعها زوجها بل كان انسان آخر لا تعرفه و لم تره يوما..حاولت ان تتمالك اعصابها و ان تفهم ما يحدث و لكنه وثب عليها فكبّلها و اغلق فمها ثم جرّها بعنف الى الاريكة و رماها عليها..
كانت نظراته مليئة بالغضب و تعابير وجهه كلها قسوة ؛ اتّخد مكانا قريبا منها و ارتمى عليه فرحا بنشوة الانتصار..ظلّ ينظر اليها تارة و الى بيتها تارة اخرى ؛ و هي لا تعي و لا تفهم.. هل ظنّها هذا الشخص انسانا آخر ؟ و ما علاقته بها ؟ و لماذا يفعل هذا و من يكون ؟
اسئلة كثيرة الحّت عليها دون جواب ..حاولت اصدار اصوات علّها تسمع النّاس فيهبّوا لنجدتها و لكنه حذّرها بصوت خشن مليئء بالكراهيّة زرع فيها الخوف و الجم فمها..
مرّت دقائق على الموقف ؛ و نظرت للساعة على الحائط ؛و شعرت ببعض الامل ؛ سيعود زوجها بعد قليل و لن يتركها تحت رحمة هذا الذئب البشري..فاستمرّت تصدر اصواتا و حركات كانها تريد الحديث..
بعد برهة قام اليها و نزع وثاق فمها فصرخت في وجهه تهدّده ( لن تنجو بفعلتك و سترى مادا سيفعل زوجي بك )
هنا ضحك ضحكة متجلجلة و جرّها من شعرها للغرفة المجاورة..قاومته بكل قوّتها و لكنها لم تفلح و حين دفع الباب سقطت سماح على ركبتيها من هول ما رات..
لقد كان زوجها ممدّد على الارض هناك و هو مكبّل لا حراك فيه..شهقت و هي تقول (هل قتلته ؟ نحن لم نؤذك فلماذا تفعل هذا بنا ؟ )
لو يردعليها و لكنه اكتفى بالاشارة اليها ان تعود الى مجلسها فلم تقوى على ذلك..خارت قواها و هي ترى حبيب العمر ملقى هناك..
جرّها من جديد و هو يزمجر ( الآن فقط تشعرين بقساوة الدنيا الآن فقط احسست بالقهر ؟)
رماها من جديد على الاريكة و جلس على الارض ليسترسل في حديثه حديثا مليئا بعظمة الالم و قساوة الاحساس..(انا واحد من آلاف الناس التي تعاني قهركم و لامبالاتكم..تعيشون في قمة السعادة و لا تتركون لنا الاّ الشقاء و التعاسة..تفرحون و نحزن نحن.تاكلون و نجوع نحن..تلبسون ونتعرّى نحن..ابدا لم تلتفتوا الينا ؛ لم نكن قطرة في بحور اهتماماتكم ؛ تعيشون لانفسكم و تجحدوننا ؛ تحتكرون النّعمة التي بايديكم و لا تهتمون لمعاناتنا..
انا قرّرت ان اعيد التوازن..لن اترك غنيا يسعد بثروته دون خوف.. و لن اتركه يعيش بسلام..ساعاقب كل من سوّلت له نفسه ان ينفينا من الوجود ..)
عندما اتمّ هذه الكلمات ؛ قام اليها نزع رباط يدها ؛ نظر اليها نظرة اخيرة ثمّ....ثمّ خرج من البيت في صمت و تاه وسط النّاس و اصبح ككلّ الوجوه التي نراها لا يمكن التعرّف عليه..
امّا سماح فظلّت واجمة بعد كل ما سمعته..و تمازجت احاسيسها بين الكراهيّة و الشفقة و لم تفق من عزلتها الاّ عند سماعها لضوضاء في الغرفة ؛ اسرعت الى هناك فوجدت زوجها قد دبّت فيه الحياة يريد ان يفكّ وثاقه . اسرعت اليه ؛ فكّته ثمّ ارتمت في احضانه..سالها و الافكار تتضارب في راسه ( من يكون ؟ ما الذي فعله بك ؟ اين ذهب ؟ )
اسندت راسها على كتفه ؛ اغمضت عيناها ثم قالت ( هو مجرّد عابر سبيل جاء يذكّرنا بما نسينا وسط انشغالنا بالدنيا..)
تعوّدت ان يكون ابطال قصصي اناس طيّبون لم تنصفهم الدنيا و لكن هذا البطل فرض نفسه عليّ فرضا و الحّ في الظهور على صفحاتي..كان ثورة على اللامبالاة التي نعيشها..اراد ان ينبّهنا الى خطورة عدم الاكتراث بما يحيط بنا..
ربّما نمرّ عليه في حياتنا اليومية و لا نابه به و نظنّه عاجزا عن دخول حياتنا و تهديد استقرارها و لكنه ليس ببعيد..
و هذه دعوة صريحة ان يكون لك وجود قيّم في الحياة بمساعدة الآخرين و لو بالكلمة الطيّبة التي تكسر كل وحش يمكن ان يولد داخل انسان..
فنحن بشر..مجرّد بشر..


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


~~~ ما شاء الله بصراحة لديك قلم مبدع بحق .. نهاية قصصك دائما غامضة و تعجبني ... تقبلي مرووري .. مع تحيـــــاتي .. اعذريني لم استطع إضافة التقيييم~~~


__________________________________________________ __________



__________________________________________________ __________

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الياسمين الأبيض
~~~ ما شاء الله بصراحة لديك قلم مبدع بحق .. نهاية قصصك دائما غامضة و تعجبني ... تقبلي مرووري .. مع تحيـــــاتي .. اعذريني لم استطع إضافة التقيييم~~~

مرورك يسعدني دوما..و قلمك ايضا مبدع..شكرا جزيلا اختي..


__________________________________________________ __________

الاقلام تتحول ذهبية بين اناملك وتحول كل ما خطت الى اكثر من رائع
لا استطيع الا ان اقف عنده احتراما وتقدير
اسلوبك بالطرح يعجبني ويجعلني اشعر بأن كل ما تخطيه حقيقة وان لامست الخيال
التقييم لا يوفيه حقه
شكرا لك


__________________________________________________ __________

العذر منك لم استطيع تقييمك
عند محاولتي تظهر

يجب ان تضع للبعض سمعات قبل اعطائها الى قلوب خضراء مرة اخرى