عنوان الموضوع : ضيف الله في الأرض
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
ضيف الله في الأرض
ضيف الله في الأرض ..!
بقلمي وحبر من دمي
لم أكن اعلم ماذا يخبئ لي القدر في ذلك اليوم قبل حوالي تسعة أشهر حينما ذهبت لزيارة إحدى صديقاتي , بعد لحظات تم إبلاغنا ان والدها تعرض لحادث سير وتم نقله لمستشفى ابن سيناء , انتقلنا سريعا إلى المستشفى للاطمئنان على حالته , لم تكن إصابته بليغة والحمد لله , وبينما نحن واقفون اذ بصديقتي بلقيس تشدني من يدي وتدعوني للذهاب معها لحقت بها ومرينا بأروقة المستشفى التي تقتض بالمرضى والمراجعين وفي حالات تأسى لها القلوب مهما كانت متحجرة من جميع الأعمار والأجناس فالمرض لا يفرق بين صغير وكبير , ذكر أو أنثى , حتى شعرت انا نفسي بالمرض ولم تقو قدماي على حملي وصلنا الى احد أقسام الرقود في المستشفى ومررنا على مجموعة من الاسرة البيضاء التي يرقد عليها اصحابها ويعيشون بين مرارة الالم والمرض وامل الرجاء من الله سبحانه بالتماثل للشفاء . وعندما وصلنا الى احد الاسرّة وقامت برفع الستار لم اتوقع ما رايت امامي ..مشهد ادمى قلبي وكاني بدات اتهاوى وعجزت عن الكلام .. وجدت انساناً فقد كل ما يمكن ان يربطه بالحياة في عالم لا يرحم .. كله وحوش وغابات .. وانسانية تحتضر .. !
انه ضيف الله ..! الراقد على سريره او لنسميه مأواه الابدي .. ضيف الله شاب في مقتبل العمر لم يتجاوز العشرين ربيعا فرد من واحدة من الآف الأسر الفقيرة المنتشرة في كل ارجاء البلاد , ظروف حياته القاسية وعدم قدرة والده على الإيفاء بمتطلبات العيش وحاجة اسرته لدخل يسدوا به رمق العيش المضني في بلادنا اجبرته ان يعمل سائق موتور ينقل الناس عليه لقاء أجرة بسيطة ,دارت الايام وضيف الله على هذا المنوال , ولكن لم يعلم ضيف الله وهو خارج من داره صباح ذلك اليوم ودعوات ورضا امه تلاحقه الى باب الدار لم يعلم ان هذا اليوم هو اخر عهده بالحياة واخر يوم يرى فيه والديه واخوته واخر يوم ترى عينيه نور الشمس كما كان يفعل كل صباح .. أبت أيدي التهور والهمجية واللامسؤلية إلا ان تغتال احلامه وتنهي حياته بلا رحمة وتفقده كل شي ما عدا انفاسه المتلاحقة التعبة التي تزيد عذابه .. نالت براثن الغدر من جسد ضيف الله الضئيل واردته صريعا في احدى الطرق عندما تم دهسه من قبل شاب طائش يقود سيارة فارهة قيل انه احد ابناء المسؤولين . جراء هذا الحادث فقد ضيف الله حواسه الخمس وعجز تماما عن الحركة حيث انه أصيب بشلل دماغي وعجز كامل في الوظائف الحيوية للجسم ,! كيف لأحد منا ان يتخيل ان يفقد فجأة كل شي بعد ان كان يملكه..! سمعه وبصره ونطقه وأطرافه وإحساسه بالحياة ؟! , من منّا يتحمل ان يصاب بمثل هذا الاذى الجسيم وتنقلب حياته راسا على عقب ؟! ضيف الله يرقد في المستشفى منذ عام واكثر وهل يستطيع احد منا ان يتحمل وجوده في المستشفى كمعاينة او حتى زيارة لساعتين او اكثر ؟! ولا فائدة ترجى فحالته نفس الحالة وكان من المفترض ان يتم سفره الى الخارج عله يتحسن ولكن من للفقير المسكين ؟! من يسانده في هذا العالم الذي لا يرحم و القوي فيه يأكل الضعيف .. احساس ضيف الله بالحياة انتهى في اقل من ثانيه وسط شارع مزدحم ؟ّ هل حياة الانسان رخيصة بهذا الشكل ؟! ضيف الله لايرى الان سوا السواد من الدنيا ولا ينطق حرفا غير (الآآآه) التي تخرج مكلومة محزونة من رئتين منهكتين وصدر محطم تحت عجلات سيارة احدهم . ولا يحرك الا اصبعه السبابه يشكي حزنه ويبث المه الى خالق الروح وبارئها العدل الجبار المنصف ..! ارهقني الموقف وخنقتني العبرة وانا اشاهد أمامي مأسآة انسانية عظمى وواحد من الاف الضحايا الذين يسقطون كل يوم شهداء لشوارعنا المهترئة وسواقينا المتهورين ..! مهما وصفت معاناة ضيف الله فلن استطع ان اصل الى ربعها حتى فلا يحس بمقدار المه ومعاناته غيره هو .. واسرته المتألمة وأخاه الصغير المرابط بجانبه ..
رحلت وفي قلبي جرح غائر يقطر حزنا وقهرا , وضميري يعذبني وكأني انا التي تسببت بمعاناته ..
لم اكن انسى ضيف الله ابدا وكنت انوي زيارته مرة اخرى ولكن ظروف الحياة اجبرتني على التأجيل دائما ولم تترك لي فرصة الذهاب ويالها من حجة واهية .. جائتني الفرصة قبل ايام وانا مارةُ بجانب المستشفى قررت فورا الدخول والسوال عنه وفي قلبي اتمنى انه طاب او تحسنت حالته .. دخلت المستشفى وقلبي يدق بقوة , اقتربت من موظفة الاستقبال سالتها : هل ضيف الله موجود ؟ سالتني ضيف الله من ؟ قلت لا ادري ؟ اخذت تبحث في سجلات الكمبيوتر لم تجد له اسما .. سالت زميلها الذي يعمل من فترة طويلة اجاب هل تقصدي ضيف الله الصبري الذي رقد في المستشفى قرابه العام ؟ قلت نعم ؟ اجابني انه خرج من زمان ؟ سالته ؟ هل ما زال على قيد الحياة ؟ قال :لا ندري عنه شيئا .. واي حياة قاسية هذه التي سيعيشها وهو فاقد كل مقوماتها ؟ مؤكد ان تكاليف المستشفى ارهقت اهله فاثروا نقله الى البيت بما انه لا امل في عودته كما كان .. خرجت وانا اجر اذيال الخيبة والحسرة والندم ودموعي لا تفارق عيناي.. يا لغبائي ؟ حينما اعتقدت ان ضيف الله سينتظر حضرتي حتى ارجع بعد تسعة اشهر او عشرة ؟؟! ..
ليت شعري هل ما زال ضيفا على الارض او اصطفاه ربي اليه ؟؟
نداء لضيف الله ليته يصل اليه :
ضيف الله سامح اولئك الناس الجبناء الذين يكتفون بمجرد النظر بلا امل يرجى منهم .. سامح سائقي السيارات المتهورين الذين ليس لارواح البشر عندهم أي قيمة .. اغفر لاصحاب المال والنفوذ الذين ياثرون صرفها بغير وجه حق ويبعثرونها هنا وهناك وانت وغيرك كثير تعاني الامُرين ولا عين تدمع ولا قلب يخشع ولا آدمية تتحرك .. ولا حياة لمن تنادي ..
ضيف الله سامحني لاني لم أحضر طول هذه الفترة وحُججي واهيه ولا مبرر لي غير انشغالي بالحياة ومشاكلها التي لا تنتهي
ارجو يا ضيف الله ان تسامحنا لاننا خذلناك ..ولم نكن كما كنت تتوقع .. إغفر لقلوبنا لانها تحجرت ..
انت ضيف الله بحق , سواءا كنت الان على وجه الأرض أو باطنها فروحك البريئة الطاهرة الصابرة على اقوى الالام مؤكد انها ستسامح بشراً قلوبهم ماتت ..!
ملاحظة : ضيف الله توفي بعد خروجه من المستشفى بشهر ، اخبرتني صديقتي بعد ان قرأت القصة هذه في الصحيفة لان بنت خالتها ممرضة هناك وهي من اخبرتها
رحمة الله عليه
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
راااااااااائعه زوزو
قصه جدا جدا رائعه ومؤثره
وتستحقي التقييمـ
__________________________________________________ __________
حبيبتي الااااااااااااااااااااااااااااااف مثل حالت ضيف اللة
اللة يرحمة ويغفر لة ويجزاكي خير
__________________________________________________ __________
رحمة الله عليه
رائعه جدا وتستاهلي التقييم
__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ~♥"ام فهـــــــوديًے..".. ♥~
راااااااااائعه زوزو
قصه جدا جدا رائعه ومؤثره
وتستحقي التقييمـ
تسسلمي ام فهودي ولكنها حقيقية وهذا ما جعلها مؤثرة
اشكرك على التقييم
__________________________________________________ __________
جزاك الله خير