عنوان الموضوع : شاعر الاندلس ابن زيدون (المسابقه الشعرية) -خواطر
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
شاعر الاندلس ابن زيدون (المسابقه الشعرية)
احببت ان احدثكم عن شاعر له مكانته التابثة بين الشعراء المرموقين
وهو علم من اعلام الشعر الوجداني العذب، وملك الشعراء في تاريخ الاندلس
نبذة
انه الشاعر المخضرم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن غالب بن زيد المخزومي الاندلسي ينتمي الى قبيلة عربية اشتهرت بالفروسية والبسالة وعظمة مكانتها في الجاهلية والاسلام انها قبيلة بني مخزوم ، كما ينتمي الى اسرة واسعة الثراء ، ضليعة في علوم اللغة وعلىقدر وافر من الثقافة والعلم.
.ولد ابن زيدون سنة 394هـ1003م بالرصافة من ضواحي قرطبة أنشات على يد عبد الرحمان الداخل ، وجعلها مقرًا لحكمه،ومنتزها له فاهتم بها وبجمالية طبيعتها ، جلب لها ماندر من الاشجار والنباتات،مما جعلها مكان خلاب يسحر الناظر لكثرة روعة نباتاتها وجداولها البديعة، فاصبحت مميزة بطبيعتها الخلابة الساحرة وحركت الهام الكثير من الشعراء فابدعوا في التغني بروعتها ومنهم ابن زيدون.
توفي والده احد علماء وفقهاء قرطبة المميزين وترك شاعرنا ابن خلدون في سن 11 من عمره فتكفل به جده لامه الذي عرف بالصرامة والحزم، وعرف ايضا ببروزه في العلوم وبعنايته الشديدة لها ومن مناصبه القضاء بمدينة سالم ، واحكام الشرطة في قرطبة.وقد كان لهذا الجد المثقف دورا بالغا في تنشئة ابن زيدون تنشئة سليمة جنبته الانحراف رغم يتمه وثرائه، كمااهتم الجد بتكوين حفيده تكوينا ثقافيا مهما في مجالات عدة النحو ...الشعر..العربية..القران..الادب......على يد العديد من مفكرين وادباء العصر الاندلسي.
مسيرته السياسية وعلاقتها بحبه لولاده
ساعده نبوغه الادبي ، ذكائه الفطري ، ثرائه الواسع ، جاهه العريق وصيته الذائع كاحد ابرز ادباء قرطبة، في ان يكون له نشاط واسع في مجال السياسة والثاتير على الرأي العام . كما كان له دوراساسي في سقوط دولة الامويين القوية بقرطبة، وتاسيس دولة جديدة يتزعمها ابا الحزم جهور الى ان اتهموه بمحاولة قلب نظام الحكم. واكثر من شن عليه المكائد... منافسه في حب ولادة بنت المستكفي بالله احد الخلفاء الامويين ، والتي فتحت قصرها بعد سقوط الدولة الاموية ومقتل ابيها لتجعل منه مجلسا ومنتدى ادبيا ثقافيا. فالشاعرة الجميلة المثقفة ذات سرعة البديهة كانت شبه جوهرة نادرة في زمانها لكثرة محاسنها الجمالية والاخلاقية والادبية، خلاف والدها الدي اشتهر بتفاهته الفكرية، احبها ابن زيدون حبا زاد من عطائه الوجداني وحرك احاسيسه المرهفة وهي ايضا أحبته لتالقه في مجلسها الى ان اخطأ ابن زيدون 3 اخطاء واكثر ما اغاضها الرسالة الهزلية التي كتبها على لسانها لم تستطع ولادة غفرانها رغم حبها له:
-1 حين التفت الى جاريتها في مجلسها ومدحها اثناء غنائها وطلب منها الاعادة فاعتبرته ولادة يغازل المغنية في حضورها، ومن غضبها كتبت له هذه الابيات:
-2حين صفعها يوما ورغم اعتذاره بابيات فاحساسها بالاهانة كان كبيرا.
-3 حين كتب رسالة هزلية على لسان ولادة دون اخبارها يذم ويشتم فيها و بجرأة شديدة منافسه في غرامها ابن عبدوس ،من ما اغضبها وجعل حبها له يصيبه الفثور، فكانت مكيدة ابن عبدوس الانتقامية...اتهام ابن زيدون بالمؤامرة على قلب النظام كافية لكي تجعل حاكم قرطبة يغضب و يدخل ابن زيدون السجن،وكل من يقرأ الرسالة سيحس بأن قوته الادبية كانت بقدر قوة كلامه اللاذع:
الرسالة الهزلية الشهيرة
اما بعد ,
ايها المصاب بعقله , المورط بجهله , البين سقطه ,الفاحش غلطه , العاثر في ذيل اغتراره , الاعمى عن شمس نهاره ,الساقط سقوط الذباب على الشراب , المتهافت تهافت الفراش في الشهاب , فان العجب اكبر ,
ومعرفة المرء نفسه اصوب , وانك راسلتني مستهديا من صلتي ما صفرت منه ايدي أمثالك , متصديا من خلّتي ما قُرعت دونه أنوف أشكالك , مرسلا خليلتك مرتادة , مستعملا عشيقتك قوادة , كاذبا نفسك انك ستنزل عنها الي , وتخلف بعدها علي،ولست باول ذي همة دعته لماليس بالنائل ولا شك انها قلتك اذ لم تضن بك, وملتك اذ لم تغر عليك , فانها اعذرت في السفارة لك , وما قصرت في النيابة عنك , زاعمة ان المروءة لفظ انت معناه , والإنسانية اسم انت جسمه وهيولاه , قاطعة انك انفردت بالجمال , واستاثرت بالكمال , واستعليت في مراتب الجلال , واستوليت على محاسن الخلال , حتى خلت ان يوسف _ عليه السلام _ حاسنك فغضضت منه , وان امراة العزيز رأتك فسلت عنه , وأن قارون أصاب بعض ما كنزت , والنّطِفَ عثر على فضل ما ركزت , وكسرى حمل غاشيتك , وقيصر رعى ماشيتك , والإسكندر قتل دارا في طاعتك , وأردشير جاهد ملوك الطوائف لخروجهم عن جماعتك , والضحاك استدعى مسالمتك , وجذيمة الابرش تمنى منادمتك , وشيرين قد نافست بوران فيك , وبلقيس غايرت الزباء عليك ,وان مالك بن نويرة انما ردف لك , وعروة ابن جعفر انما رحل اليك , وكليب بن ربيعة انما حمى المرعى بعزتك , وجساسا انما قتله بانفتك ,ومهلهلا انما طلب ثأره بهمتك , والسموءل انما وفى عن عهدك , والاحنف انما احتبى في بردك , وحاتما انما جاد بوفرك , ولقى الاضياف ببشرك , وزيد بن مهلهل انما ركب بفخذيك , والسليك ابنالسلكه انما عدا على رجليك , وعامر بن مالك انما لاعب الاسنة بيديك , وقيس بن زهير انما استعان بدهائك , واياس بن معاوية انما استضاء بمصباح ذكائك , وسحبان انما تكلم بلسانك , وعمرو بن الاهتم انما سحر ببيانك , وان الصلح بين بكر وتغلب تم برسالتك ,والحمالات بين عبس وذبيان اسندت الى كفالتك , وان احتال هرم بن سنان لعلقمة وعامر حتى رضيا كان عن اشارتك, وجوابه لعمر _ وقد سأله عن ايهما كان ينفر _ وقع عن ارادتك , وان الحجاج تقلد ولاية العراق بجدك ,وقتيبة فتح ما وراء النهر بسعدك , والمهلب اوهن شوكة الازارقة بأيدك , وفرق ذات بينهم بكيدك , وأن هرمس اعطي بلينوس ما اخذ منك , وافلاطون اورد على ارسطاطاليس ما نقل عنك , وبطليموس سوى الاسطرلاب بتدبيرك , وصور الكرة على تقديرك , وبقراط علم العلل والمراض بلطف حسك , وجالينوس عرف طبائع الحشائش بدقة حدسك , وكلاهما قلدك في العلاج , وسألك عن المزاج , واستوصفك تركيب الاعضاء , واستشارك في الداء والدواء , وانك نهجت لابي معشر طريق القضاء , وأظهرت جابربن حيان على سر الكيمياء , وأعطيت النظّام أصلا أدركبه الحقائق , وجعلت للكندي رسما استخرج به الدقائق , وان صناعة الالحان اختراعك , وتاليف الاوتار والانقار توليدك وابتداعك , وان عبدالحميد بن يحيى بارى اقلامك , وسهل بن هارون مدون كلامك , وعمرو بن بحر مستمليك , ومالك بن انس مستفتيك , وانك اللذي اقام البراهين ,ووضع القوانين , وحد الماهية , وبين الكيفية والكمية , وناظر في الجوهر والعَرَض , وميز الصحة من المرض , وفك المعمّى ,وفصل بين الأسم والمسمى , وصرف وقسم , وعدل وقوّم , وصف الاسماء والافعال , وبوب الظرف والحال , وبنى وأعرب , ونفى وتعجب , ووصل وقطع , وثنى وجمع , وأظهر وأضمر ,
واستفهم وأخبر , وأهمل وقيد , وأرسل وأسند , وبحث ونظر , وتصفح الاديان , ورجّح بين مذهبي ماني وغيلان , وأشار بذبح الجعد , وقتل بشار بن برد , وأنك لو شئت خرقت العادات , وخالفت المعهودات , فأحلت البحار عذبة , وأعدت السّلام رطبة , ونقلت غدا فصار امسا , وزدت في العناصر فكانت خمسا , وأنك المقول فيه : ((كلّ الصيد في جوف الفرا)) .
و : ليس على الله بمستنكرِ أن يجمع العالم في واحد
والمعنيّ بقول ابي تمام : فلو صورت نفسك لم تزدها على ما فيك من كرم الطباعِ
والمراد بقول ابي الطيب : ذكر الانام لنا فكان قصيدة كنت البديع الفرد من أبياتها فكدمت في غير مكدم , واستسمنت ذا ورم , ونفخت في غير ضرم , ولم تجد لرمح مهزا , ولا لشفرة محزا , بل رضيت من الغنيمة
بالأياب , وتمنيت الرجوع بخفي حنين ,لأني قلت : " لقد هان من بالت عليه الثعالب"
وأنشدت : على انها الايام قد صرن كلها عجائب , حتى ليس فيها عجائب ونخرت وكفرت , وعبست وبسرت , وأبدأت وأعدت , وأبرقتُ وأرعدت .
و : هممت ولم أفعل وكدت وليتني ولولا ان للجوار ذمة , وللضيافة حرمة , لكان الجواب في قذال الدّمُستقِ , والنعل حاضرة , ان عادت العقرب , والعقوبة ممكنة ان أصر المذنب .
وهبها لم تلاحظك بعين كليلة عن عيوبك , ملؤها حبيبها , حسنٌ فيها من تود , وكانت انما حلّتك بحُلاك , ووسمتك بسيماك , ولم تعرك شهادة , ولا تكلفت لك زيادة , بل صدقت سن بكرها فيما ذكرتهُ عنكَ ,ووضعتِ الهِناءَ مواضع النقبِ بما نسَبتهُ اليك , ولم تكن كاذبةً فيما أثنت به عليك ,
فالمعيدي تسمع به خير من ان تراه .
هجين القذال , ارعن السبال , طويل العنق والعلاوةِ , مُفرط الحمق والغباوة , جافي الطبع , سيئ الاجابة والسمع , بغيض الهيئة , سخيف الذهاب والجيئة , ظاهر الوسواس , منتن الانفاس , كثير المعايب , مشهور المثالب , كلامكَ تمتمة , وحديثُك غمغمة , وبينك فهفهة , وضحكك قهقهة ,
ومشيُك هرولة , وغناك مسألة , ودينُك زندقة , وعلمُك مخرقة.
مَساوٍ لو قسمن على الغواني لما أمهرن الا بالطلاق.
حتى ان باقلا موصوفٌ بالبلاغة اذا قرن بك , وهبنّقة مستحق لاسم العقل اذا اضيف اليك , وطويسا مأثور عن يمن الطائر اذا قيس عليك , فوجودك عدم , والاغتباط بك ندم , والخيبة منك ظفر , والجنة معك سقر .
كيف رأيت لؤمك لكرمي كِفاء , وَضِعَتُكَ لشرفي وفاء , واني جهلت ان الاشياء انما تنجذب الى أشكالها , والطير انما تقع على الافها , وهلا علمت ان الشرق والغرب لا يجتمعان ,و شعرت ان المؤمن والكافر لا يتقاربان ,
وقلت : الخبيث والطيب لا يستويان ,وتمثلت :ايها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان.
وذكتَ اني عِلقٌ لا يباع فيمن زاد , وطائرٌ لا يصيده من اراد , وغرض لا يصيبه الا من اجاد , ما احسبك الا كنت قد تهيأت للتهنئة ,وترشحت للترفئة , ولولا ان جرح العجماء جبار , للقيت من الكواعب ما لاقى يسار, فما هم الا بدون ما هممت به , ولا تعرض الا لايسر ما تعرضت .
اين ادعاؤكك رواية الاشعار , وتعاطيك حفظ السير والاخبار , اما ثاب لك قول الشاعر : بنو دارم اكفاؤهم ال مسمع وتنكح في اكفائها الحبطاتُ
وهلا عشّيت ولم تغتر! وما اشك انك تكون وافد البراجم , أو ترجع بصحبة المتلمس , او افعل بك ما فعله عقيل بن علفة بالجهني حين اتاه خاطبا ,
فدهن استه بزيت , وأدناه من قرية النمل .
ومتى كثر تلاقينا , واتصل ترائينا , فدعوني اليك ما دعا ابنة الخس الى عبدها من طول السواد , وقرب الوساد !وهل فقَدتُ الاراقم فانكح في جنبٍ , او عَضَلَني همام بن مرة فاقول :زوج من عود , خير من قعود !
ولعمري لو بلغت هذا المبلغ , لارتفعت , عن هذه الحِطة , ولا رضيت بهذه الخطة , فالنار ولا العار , والمنية ولا الدنية , والحرة تجوع ولا تاكل بثدييها.
فكيف وفي ابناء قومي منكح وفتيان هِزّان الطوال الغرانقة.
ما كنت لاتخطى المسك الى الرماد , ولا امتطي الثور بعد الجواد , فانما يتيمم من لم يجد ماء , ويرعى الهشيمَ , من عدِمَ الجميم ,ويركب الصعب من لا ذلول له , ولعلك انما غرك من علمت صبوتي اليه , وشَهِدت مساعفتي له , من أقمار العصر , وريحان المصر ,اللذين همُ الكواكب عُلُوّ هممٍ , والرياضُ طيب شيم من تلقى منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري فحن قدح ليس منها , ما انت وهم ؟ واين تقع منهم ؟ وهل انت الا واو عمرو فيهم , وكالوشيظة في العظم بينهم !
وان كنت انما بلغت قعر تابوتك , وتجافيت عن بعض قوتك , وعطرت اردانك , وجررت هميانك , واختلت في مشيتك , وحذفت فضول لحيتك , واصلحت شاربك , ومططت حاجبك , ورفعت خط عذارك , واستانفت عقد ازارك , رجاء الاكتنان فيهم , وطمعا في الاعتداد منهم , فظننت عجزا , واخطات استك الحفرة .
والله لو كساك محرق البردين , وحلّتك مارية بالقرطين , وقلدك عمرو الصمصامة , وحملك الحارث على النعامة , ما شككت فيك , ولا سترت اباك , ولا كنتَ الا ذاك .
وهبك ساميتهم في ذروة المجد والحسب , وجاريتهم في غاية الظرف والادب ,اليس تأوي الى بيت قعيدته لكاع , اذا كلهم عزب خالي الذراع !
واين من انفرد به ممن لا اغلب الا على الاقل الاخس منه ! وكم بين من يعتمدني بالقوة الظاهرة , والشهوة الوافرة , والنفس المصروفة الي , واللذة الموقوفة علي , وبين اخر قد نضب غديره , ونزحت بيره , وذهب نشاطه , ولم يبقى الا ضراطه !
وهل يجتمع لي فيك الا الحشف وسوء الكيلة , ويقترن علي فيك بك الا الغدة والموت في بيت سلولية !
تعالى الله يا سلم بن عمرو أذل الحرص اعناق الرجال
ما كان اخلفك بان تقدر بذراعك , وتربع علي ضلعك , ولاتكن براقش الدالة على اهلها , وعنز السوء المستثيرة لحتفها , فما اراك الا سقط العشاء بك على سرحان , وبك لا بظبي أعفر , أعذرت ان اغنيت شيا , واسمعت لو ناديت حيا ان العصا قرعت لذي الحلم والشيئ تحقره وقد ينمي وان بادرت بالندامة , ورجعت على نفسك بالملامة , كنت قد اشتريت العافية لك بالعافية منك , وان قلت : (( جعجعة بلا طحن )), و ((رب صلف تحت الراعدة )), وانشدت : لا يؤيسنك من مخدرة قول تغلظه وان جرحا فعدت لما نهيت عنه , وراجعت ما استعفيت منه , بعث من يزعجك الى الخضراء دفعا , ويستحثك نحوها وكزا وصفعا .
فاذا صرت اليها عبث أكاروها بك , وتسلط نواطيرها عليك , فمن قرعة معوجة تقوم في قفاك , ومن فجلة منتنة يرمى بها تحت خِصاك ,ذلك بما قدمت يداك , لتذوق وبال امرك , وترى ميزان قدركفمن جهلت نفسه قدره راى غيره منه ما لا يرى.
ابن زيدون
ولم تنفع قصائد الاستعطاف التي كتبها ابن زيدون المسجون لحاكم قرطبة ابا الحزم جهور في ان تجعله يعفو عنه،كما لم تنجح تدخلات ابو الوليد بن جهور الصديق الحميم لابن زيدون في ان تجعل اباه الحاكم يغفر له.فلم يجد ابن زيدون حلا سوى الفرار من السجن والاختباء باحد ضواحي قرطبة.حيث هزته لوعة فراق محبوبته وجذبه الحنين فارسل اليها بقصائد عذبة خالدة نابعة من احاسيس متدفقة لمحب نابغة متمكن من بلاغته وعلومه الادبية اشهرها النونية الخالدة ،التي قد لا نجد مثيلتها الا لدى شعراء الغزل وحده امثال ابن ربيعة ، فكانت رائعة في الالفاض والمعانيوله اشعار غزل اخرى تحتل ثلث ديوانه الشعري:
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا" = "حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ،" = "حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا" = "بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدّهرًُ آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛" ="وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا،" = "فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم،" = "هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا
لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ" = "رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ" = "بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه،" = "وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا
بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا" = "شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا،" = "يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ" = "سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا
إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا؛" = "وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا
وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية" =" ًقِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا
ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما" = "كُنْتُمْ لأروَاحِنَا إلاّ رَياحينَا
لا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا؛" = "أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!
وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً" = "مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا
يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به" = "مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا
وَاسألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا"= "إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟
وَيَا نسيمَ الصَّبَا بلّغْ تحيّتَنَا" = "مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا
فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفَة ً" = "مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبّاً تقاضِينَا
رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ" = "مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجهُ" = "مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
إذَا تَأوّدَ آدَتْهُ، رَفاهِيّة ً،" = "تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا
كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته،" = "بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا
كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ،" ="زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَا
ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاءه شرَفاً،" ="وَفي المَوَدّة ِ كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟
يا رَوْضَة ً طالَما أجْنَتْ لَوَاحِظَنَا" = "وَرْداً، جَلاهُ الصِّبا غضّاً، وَنَسْرِينَا
ويَا حياة ً تملّيْنَا، بزهرَتِهَا،" = "مُنى ً ضروبَاً، ولذّاتٍ أفانينَا
ويَا نعِيماً خطرْنَا، مِنْ غَضارَتِهِ،" = "في وَشْيِ نُعْمَى ، سحَبنا ذَيلَه حينَا
لَسنا نُسَمّيكِ إجْلالاً وَتَكْرِمَة ً؛" ="وَقَدْرُكِ المُعْتَلي عَنْ ذاك يُغْنِينَا
إذا انفرَدَتِ وما شُورِكتِ في صِفَة ٍ،" = "فحسبُنا الوَصْفُ إيضَاحاً وتبْيينَا
يا جنّة َ الخلدِ أُبدِنْنا، بسدرَتِها" = "والكوثرِ العذبِ، زقّوماً وغسلينَا
كأنّنَا لم نبِتْ، والوصلُ ثالثُنَا،" ="وَالسّعدُ قَدْ غَضَّ من أجفانِ وَاشينَا
إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ بكمْ" = "في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا
سِرّانِ في خاطِرِ الظّلماءِ يَكتُمُنا،" = "حتى يكادَ لسانُ الصّبحِ يفشينَا
لا غَرْوَ في أنْ ذكرْنا الحزْنَ حينَ نهتْ" ="عنهُ النُّهَى ، وَتركْنا الصّبْرَ ناسِينَا
إنّا قرَأنا الأسَى ، يوْمَ النّوى ، سُورَاً" = "مَكتوبَة ً، وَأخَذْنَا الصّبرَ تَلْقِينَا
أمّا هواكِ، فلمْ نعدِلْ بمَنْهَلِهِ" = "شُرْباً وَإنْ كانَ يُرْوِينَا فيُظمِينَا
لمْ نَجْفُ أفقَ جمالٍ أنتِ كوكبُهُ" = "سالِينَ عنهُ، وَلم نهجُرْهُ قالِينَا
وَلا اخْتِياراً تَجَنّبْناهُ عَنْ كَثَبٍ،" = "لكنْ عَدَتْنَا، على كُرْهٍ، عَوَادِينَا
نأسَى عَليكِ إذا حُثّتْ، مُشَعْشَعَة ً،" = "فِينا الشَّمُولُ، وغنَّانَا مُغنّينَا
لا أكْؤسُ الرّاحِ تُبدي من شمائِلِنَا" = "سِيّما ارْتياحٍ، وَلا الأوْتارُ تُلْهِينَا
دومي على العهدِ، ما دُمنا، مُحافِظة ً،"= "فالحرُّ مَنْ دانَ إنْصافاً كما دينَا
فَما استعضْنا خَليلاً منكِ يحبسُنا" = "وَلا استفدْنا حبِيباً عنكِ يثنينَا
وَلَوْ صبَا نحوَنَا، من عُلوِ مطلعه،" = "بدرُ الدُّجى لم يكنْ حاشاكِ يصبِينَا
أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَة ً،" = "فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا
وَفي الجَوَابِ مَتَاعٌ، إنْ شَفَعتِ بهِ" ="بيضَ الأيادي، التي ما زِلتِ تُولينَا
لكِ منّا سَلامُ اللَّهِ ما بَقِيَتْ" = "صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا
كما بعث لها برائعته التي تمزج بين الوصف والمشاعر الدافقة *اني ذكرتك بالزهراء ...* كانت دليلا قويا على مدى ثاتير الطبيعة الساحرة والحدائق الغناء على خياله الواسع ليبدع في شعر الوصف المبهر الممزوج بمشاعر الهوى:
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ،" = "كأنّنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا
والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ،" = "كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّاتِ، أطواقَا
يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ،" = "بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا
نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ" = "جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا
كَأنّ أعْيُنَهُ، إذْ عايَنَتْ أرَقى ،" = "بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا
وردٌ تألّقَ، في ضاحي منابتِهِ،" = "فازْدادَ منهُ الضّحى ، في العينِ، إشراقَا
سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ،" = "وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا
كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا" = "إليكِ، لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا
لا سكّنَ اللهُ قلباً عقّ ذكرَكُمُ" = "فلم يطرْ، بجناحِ الشّوقِ، خفّاقَا
لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى" = "وافاكُمُ بفتى ً أضناهُ ما لاقَى
لوْ كَانَ وَفّى المُنى ، في جَمعِنَا بكمُ،" = "لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا
يا علقيَ الأخطرَ، الأسنى ، الحبيبَ إلى" = "نَفسي، إذا ما اقتنَى الأحبابُ أعلاقَا
كان التَّجاري بمَحض الوُدّ، مذ زمَن،" = "ميدانَ أنسٍ، جريْنَا فيهِ أطلاقَا
فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ،" = "سلوْتُمُ، وبقينَا نحنُ عشّاقَا!
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
وضل على هذا الحال لا سلوى له في مغتربه سوى اشعاره وذكرياته مع معشوقته ولادة، الى ان عفى عنه حاكم قرطبة وعاد فرحا للقاء محبوبته من جديد لاكن جفائها لم يتغير بعودته، ومع ذلك ضل يناشدها في اشعاره .فحالفه الحظ من جديد حين توفي الحاكم ابا الحزم جمهور ليجلس مكانه ابنه الصديق الحميم لابن زيدون : ابا الوليد جهور. فعادت له مكانته السياسية من جديد ونصبه وزيرا وسفيرا له لدى ملوك الدويلات المجاورة فعصر ابن زيدون عصر ملوك طوائف واكثر فترة مثيرة في تاريخ الاندلس.
مختصر من رسالته الجدية
بعثها من سجنه الى الحاكم ابن جهور كانت هي وقصيدته الهزلية شاهدان على تفوقه في النثر ايضا:
إن سلبتني - أعزك الله - لباس إنعامك، وعطلتني من حلي إيناسك، وغضضت عني طرف حمياتك، بعد أن نظر الأعمى إلى تأميلي لك، وسمع الأصم ثنائي عليك، وأحس الجماد باستنادي إليك، فلا
غرو فقد يغص بالماء شاربه، ويقتل الدواء المستشفي به، ويؤتى الحذر من مأمنه، وإني لأتجلد
فأقول: هل أنا إلا يد أدماها سوارها، وجبين عضه إكليله، ومشرفي ألصقه بالأرض صاقله، وسمهري عرضه على النار مثقفه، والعتب محمود عواقبه، والنبوة غمرة ثم تنجلي، والنكبة سحابة صيف عن قريب تقشع، وسيدي وإن أبطأ معذور:
وإن يكن الفعل الذي ساء واحداً فأفعاله اللائي سررن ألوف
وليت شعري ما الذنب الذي أذنبت ولم يسعه العفو ! ولا أخلو من أن أكون بريئاً فأين العدل ؟ أو مسيئاً فأين الفضل ؟ وما أراني إلا لو أُمرت بالسجود لآدم فأبيت، وعكفت على العجل، واعتديت في السبت، وتعاطيت فعقرت الناقة، وشربت من النهر الذي ابتلي به جنود طالوت، وقدت الفيل لأبرهة، وعاهدت قريشاً على ما في الصحيفة، وتأولت في بيعة العقبة، ونفرت إلى العير ببدر، وانخذلت بثلث الناس يوم أُحد، وتخلفت عن صلاة العصر في بني قريظة، وأنفت من إمارة أُسامة، وزعمت أن خلافة الصديق فلتة، ورويت رمحي من كتيبة خالد؛ وضحيت بالأشمط الذي عنوان السجود به، لكان فيما جرى علي ما يحتمل أن يسمى نكالاً، ويدعى ولو على المجاز عقاباً:
وحسبك من حادثٍ بامرئٍ ترى حاسديه له راحمينا
فكيف ولا ذنب إلا نميمة أهداها كاشح، ونبأ جاء به فاسق ! ووالله ما غششتك بعد النصيحة، ولا انحرفت عنك بعد الصاغية، ولا نصبت لك بعد التشيع فيك، ففيم عبث الجفاء بأذمتي، وعاث في مودتي، وأنى غلبني المغلب وفخر علي الضعيف، ولطمتني غير ذات سوار ! مالك لا تمنعني قبل أن أُفترس، وتدركني ولما أُمزق، وقد زانني اسم خدمتك، وأبليت الجميل في سماطك، وقمت المقام المحمود في بساطك:
ألست الموالي فيك نظم قصائد*** هي الأنجم اقتادت مع الليل أنجما
لاكن عواصف الدسائس ومكائد اعدائه عادت من جديد لتجعل العلاقة بينه وبين صديقه الحاكم ابو الوليد تهتز ويقرر مغادرة قرطبة ليستقر باشبيلة في بلاط المعتض بن عباد، ونظرا لما يتمتع به ابن زيدون من مميزات ثقافية ادبية وذكاء اصبح من المقربين ومن جلساء الامير قتمتع بحسن المعاملة والتقدير، كما نصبه الامير مستشارا له وسفيرا ثم اسند اليه مهمة كبير الوزراء.لكن طموحه كان اكبر من هدا كان يتطلع لمنصب الكتابة وهو اقوى واخطر واهم المناصب ، وساعدته شخصيته الفريدة ان يصل لمبتغاه واصبح قلب شؤون الدولة بين يديه. وبعد عشرين عاما من السلطة والمجد مات المعتض ليجلس مكانه ابنه المعتمد بن عبد الله الذي كان صديقا حميما لابن زيدون،وكانا يتبادلا طرح الابيات الشعرية بينهم.
لاكن تالق ابن زيدون كان يخلق له دائما طائفة من الحساد يحاولون تحطيمه والوقع بينه وبين الحكام.
فمن جديد يحاول اعدائه اغضاب الامير المعتمد وذلك بان دسوا قصائد يوهمون بها الامير المعتمد على انها من ابن زيدون فرحا بموت المعتض،
لاكن الامير فطن بالمكيدةوعاقبهم كما هددهم بابيات شعرية مشهورة كتبها على الرقعة:
كذبت مناكم، صرّحوا أو جمجموا=الـديـن أمـتـن، والـمـروءة أكـــرم
خنـتـم ورمـتـم أن أخــون، وإنـمـا=حاولـتـمـو أن يسـتـخـف "يـلـمـلـم
كـفـوا وإلا فارقـبـوا لــي بـطـشـةً=تـلـقـي السـفـيـه بمـثـلـهـا فـيـحـلـم
فعلاقته بابن زيدون كانت قوية وتفانى الشاعر في خدمة المعتمد وكان عونا له في فتح قرطبة كما تراس الجيش الذي كلف باخماد فتنة اشبيلية، لاكن المرض تمكن منه فاصابه الوهن وتوفي باشبيلية في عمر يناهز 68 عاما.
من قصائده
يا غزالا اصارني
يا غزالاً ! أصَارني=موثقاً، في يد المِحنْ
إنّني، مُذْ هَجرْتَني،=لمْ أذُقْ لذّة َ الوسنْ
ليتَ حظّي إشارةٌ=منكَ، أو لحظة ٌ عننْ
شافِعي، يا مُعذّبي=في الهوَى ، وجهُكَ الحسنْ
كُنْتُ خِلواً منَ الهَوى=فأنَا اليَوْمَ مُرْتَهَنْ
كانَ سرّي مكتًّماً=وَهُوَ الآنَ قَدْ عَلَنْ
ليسَ لي عنكَ مَذهَبٌ=فكما شئتَ لي فكُنْ
عللتني بالمنى حتى إذاعلقت=بالنفس لم أعط من اسبابها طرفا
غيرت عن خلق قد لان لـي زمنا=لين النسيم فلمـا لـذ لـي عصفـا
لايحبطـن عمـلٌٌ أرضـاك صالحة=ففي سبيلك أنفقـت الهـوى سرفـا
وذكرك ما تعرض ام عذاب=غصصت عليه بالعذب القراح
وهل انا منك في نشوات شوق=هفت بالعقل او نشوات راح
لعمر هواك ما وريت زناد=لوصل منك طال لها أقتداحي
وكم أسقمت من قلب صحيح=بسقم جفونك المرضى الصحاح
متى أخفي الغرام يصفه جسمي=بألسنة الضنى الخرس الفصاح
فلو أن الثياب محصن عني=خفيت خفاء خصرك في وشاح
ألقينا من الواشين حتى=رضينا الرسل أنفاس الرياح
ورب ظلام ليل جن فوقي=فبت عن الصباح الى الصباح
فهل عدت العفاف هناك نفسي=فديتك أو جنحت الى الجناح
وقال في ابيات يمدح فيها الوليد ابن الجهور
للجهوريِّ أبي الوليـد خلائق=كالروض أضحَكه الغمام الباكي
ملكٌ يسوس الدهرَ منه مهذبٌ=دبيـره للمُلـك خيـر مِـلاك
جـارى أباه بعدما فات المدى=فتـلاه بيـن الفـوت والإدراك
وهذه ابيات نطقتها احزانه وهو بالسجن
ألمْ يأنِ أنْ يبكي الغمامُ على مِثلي؟= ويطلبُ ثأري البرقُ مُنْصلتَ النَّصْلِ
وهلا أقامتْ أنجمُ الليلِ مأتما لتنْدُب =في الآفاقِ ما ضاعَ من تَتْلي
وقال
مئـينٌ مِن الأيامِ خمسٌ قطعتها=أسيراً، وإنْ لم يبدُ شدٌّ ولا قَمْطُ
أتتْ بي كما مِيصَ الإناءُ مِن الأذى=وأذهبَ ما بالثوبِ مِن دَرَنٍ مَسطُ
أتدنو قطوفُ الجنـتينِ لِمعشرٍ=وغايتيَ السِّدْرُ القليلُ أو الخَمْـطُ؟
وما كان ظني أنْ تُغرَّرَ بي المُنى=وللغِرِّ في العشواءِ في ظنِّهِ خِـبطُ
أما وأرتْني النجمَ موطنَ أخمَصي=لقد وطأتْ خدِّي لأخمص مَن يخطو
وقال ايضا
من يسأل الناسَ عَن حالي فشاهدُها=محضُ العيان الذي يُنبي عن الخبـرِ
لم تطـوِ بُردُ سبابي كَبرةٌ، وأرى=برقَ المشيبِ اعتلَى في عارض الشعرِ
قبل الثلاثينَ، إذ عهد الصبا كَثَبٌ=وللشبيـبة غُصنٌ غيـرُ مُهتصَـرِ
وهنا انفته وكبريائه جعلاه يرسم صورة رغم مدلة سجنه ويفخر بنفسه، ويقدِّمُ عزيمته على ضعفه وتخاذله:
إنْ طال في السجن إيداعي فلا عَجَبٌ=قد يودعُ الجفن حدُّ الصارم الذكَـرِ
وإنْ يُثـبِّطْ "أبا الحزم" الرضى قَـدَرٌ=عنْ كشف ضُرِّي فلا عَتْبٌ على القدرِ
سينية ابن زيدون الشهيرة بعث بها من سجنه الي صديقه ابي حفص ابن برد، يصف فيها طبائع النفوس البشرية ويعاتب فيها بعض اهل زمانه:
ما عَلى ظَنِّيَ باسُ=يَجرَحُ الدَهرُ وَياسو
رُبَّما أَشرَفَ بِالمَر=ءِ عَلى الآمالِ ياسُ
وَلَقَد يُنجيكَ إِغفا=لٌ وَيُرديكَ احتِراسُ
وَالمَحاذيرُ سِهامٌ=وَالمَقاديرُ قِياسُ
وَلَكَم أَجدى قُعود=وَلَكم أَكدى التِماسُ
وَكَذا الدَهرُ إِذا ما=عَزَّ ناسٌ ذَلَّ ناسُ
وَبَنو الأَيّامِ أَخيا=فٌ سَراةٌ وَخِساسُ
نَلبَسُ الدُنيا وَلَكِن=مُتعَةٌ ذاكَ اللِباسُ
يا أَبا حَفصٍ وَما ساواكَ=في فَهمٍ إِياسُ
مِن سَنا رَأيِكَ لي في=غَسَقِ الخَطبِ اِقتِباسُ
وَوِدادي لَكَ نَصٌّ=لَم يُخالِفهُ قِياسُ
أَنَا حَيرانٌ وَلِلأَمـ= ر وُضوحٌ وَاِلتِباسُ
ما تَرى في مَعشَرٍ حا=لوا عَنِ العَهدِ وَخاسوا
وَرَأَوني سامِرِيّا= يُتَّقى مِنهُ الِمساسُ
أََذْؤُبٌ هامَت بِلَحمي=فَاِنتِهاشٌ وَاِنتِهاسُ
كُلُّهُم يَسأَلُ عَن حالي=وَلِلذِئبِ اِعتِساسُ
إِن قَسا الدَهرُ فَلِلماءِ=مِنَ الصَخرِ انبِجاسُ
وَلَئِن أَمسَيتُ محبو=سا فَلِلغَيثِ اِحتِباسُ
يَلبَدُ الوَردُ السَبَنتى=وَلَهُ بَعدُ اِفتِراسُ
فَتَأَمَّل كَيفَ يَغشى=مُقلَةَ المَجدِ النُعاسُ
وَيُفَتُّ المِسكُ في التُربِ=فَيوطا وَيُداسُ
لا يَكُن عَهدُكَ وَرداً=إِنَّ عَهدي لَكَ آسُ
وَأَدِر ذِكرِيَ كَأساً=ما اِمتَطَت كَفَّكَ كاسُ
وَاِغتَنِم صَفوَ اللَيالي=إِنَّما العَيشُ اِختِلاسُ
وَعَسى أَن يَسمَحَ الدَهرُ=فَقَد طالَ الشِماسُ
وهذه ابيات من فن ابدع فيه ايضا وهو الاخوانيات يناجي فيها صديقا وفيا محببا اليه : ابي القاسم
يا أبا القاسم الذي كان ردائي=وظهيري من الزمان وذخري
هل لخالي زماننا من رجوع=أم لماضي زماننا من مكرِّ؟
أين أيامنا؟ وأين ليال=كرياض لبسن أفاق زهر؟
واتمنى ان يروقكم موضوعي الذي فضلت ان اختمه بحوار شعري بين ابن زيدون النابغة المتيم و محبوبته ولادة التي عاشت حياتها كلها في قرطبة دون زواج إلى أن تُوفيت سنة 1087م.
قال في محبوبته
وردت عليه ولادة
أغـار عليـك مـن عينـي ومنّـي=ومـن زمــانكَ والمـكانِ
ولـو أنـي خبأتك فـي جفـوني=الـى يـومِ القيــامةِ مـا كفـاني
في بادئ الأمر رغم انه كان يرسل لها اشعاره الغرامية الصادقة فلم تكن تتجاوب معه رغم اعجابها به، إلى ان أهدته باقة من الياسمين بواسطة جاريتها عتبة ,سر بها ابن زيدون وفرح, فخاطبها بابيات شعرية بصيغة مذكر دفعا للشبهة في اول علاقتهم الغرامية:
ورامشةٍ يَشْفِي الغليلَ نسيمُها=مضمخة الانفاس، طيبة النشر
أشارَ بها نحوي بنانٌ مُنْعَمٌ=لأَِغيد مكحولِ المدامعِ بالسِّحْرِ
سرت نضرة،من عهدها،في غصونها،=وعلت بمسك،من شمائله الزهر
إذا هو أهدى الياسمينَ بِكَفِّهِ=أَخذتُ النجومَ الزُّهْرَ من راحةِ البَدْرِ
له خُلُقٌ عذبٌ, وَخلْقٌ مُحَسَّنُ=وطرفٌ كَعَرْفِ الطيبِ أوْ نَشْوَةِ الْخَمْرِ
يُعَلِّلُ نفسي من حديثٍ تَلَذُّهُ=كَمِثْلِ المنى والوَصْلِ في عُقْبِ الهَجْر
لاكنها لم ترد عليه الى بعد ان ارسل لها ارق اشعاره لأكثر من مرة حينها بعثت له ولادة برد شعري مع جاريتها عتبة تلاه اول لقاء غرامي بينهما فقالت:
اتمنى ان اكون قد افدت تحياتي
__________________________________________________ __________
رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة تبارك الله عليك
__________________________________________________ __________
شكرا لك عزيزتي
emmy
اسعدني توقفك عند الموضوع واعجابك به
ويارب اكون قد افدت بشكل جيد
دمت بالف خير وسعادة
تحياتي
__________________________________________________ __________
وعليكم السـلآم ورحمَة الله وبركَاته
إختيَار رائعَ ، وتنسيق أروَع
لااا هانت يَمينك تاج الملوك ، وبـ ِ التوفيق إن شَاء الله
__________________________________________________ __________
يشرفني رضاك واعجابك بمشاركتي المتواضعة في التنسيق رائعتنا
ميلاف
لاحرمنا من عذوبة مواضيعك
دمت لنابالف خير وسعادة
تحياتي