عنوان الموضوع : القول الحسن من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

القول الحسن




(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن
الإسراء:53

اللسان أداة البيان ، وترجمان القلب والوجدان ، و الكلام به يتعارف الناس


و يتقاربون وبه يتحاجون ويتفاصلون ، ولولاه لما ظهرت ثمرات العقول


والمدارك ، ولما تلاحقت الأفكار والمشاعرولما تزايدت العلوم و المعارف

و لما ترقى الإنسان في درجات أنواع الكمالات ولما امتاز على بقية
الحيوانات.

فهو رابطة أفراد النوع الإنساني وعشائره وأممه ، و بريد عقله و واسطة تفاهمه.

فإذا حسن قويت روابط الألفة ، وتمكّنت أسباب المحبة ،

وامتد رواق السلام بين الأفراد و العشائر و الأمم ، وتقاربت

العقول والقلوب بالتفاهم ، وتشابكت الأيدي على التعاون

والتوازر، و جنى العَالَمُ من وراء ذلك تقرر الأمن واطرد العمران.

وإذا قبح كان الحال على ضدّ ذلك.

فالكلام السيئ قاطع لأواصر الأخوة ، باعث على البغضاء

والنفرة، يبعد بين العقول فتحرم الاسترشاد والاستمداد

والتعاون، وبين القلوب فتفقد عواطف المحبة وحنان الرحمة

وهما أشرف ما تتحلى به القلوب، وإذا بطلت الرحمة

والمحبةبطلت الألفة و التعاون ، و حلت القساوة والعداوة وتبعهما
التخاصم والتقاتل

ومن ذلك كلّ الشرّ لأبناء البشر.فالمحصل للناس سعادتهم وسلامتهم ،

والمبعد لهم عن شقاوتهم وهلاكهم هو القول الحسن ،

ولهذا أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرشد العباد إلى قول التي أحسن

فقال تعالى :

"و قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"

والعباد المأمورون هنا هم المؤمنون ، لوجهين :

الأول أنهم أضيفوا إليه و هذه إضافة شرف لا تكون إلا للمؤمنين به.

الثاني : أن الذين يخاطبون بهذا الإرشاد و يكون منهم الامتثال

إنما هم من حصلوا على أصل الإيمان.والتي هي أحسن :

هي الكلمة الطيبة ، والمقالة التي هي أحسن من غيرها ،

فيعم ذلك ما يكون من الكلام في التخاطب العادي بين الناس حتى ينادي بعضهم بعضا

بأحبّ الأسماء إليه ، و ما يكون من البيان العلمي فيختار أسهل العبارات

وأقربها للفهم ، حتى لا يحدث الناس بما لا يفهمون فيكون عليهم حديثه فتنة وبلاء

وما يكون من الكلام في مقام التنازع والخصام فيقتصر

على ما يوصله إلى حقه في حدود الموضع المتنازع فيه ،

دون إذاية لخصمه ، و لا تعرض لشأن من شؤونه الخاصة به ،

و ما يكون من باب إقامة الحجة و عرض الأدلّة ، فيسوقها بأجلى عبارة وأوقعها

في النفس ، خالية من السّبّ و القدح ، ومن الغمز و التعريض ،

ومن أدنى تلميح إلى شيئ قبيح. وهذا يطالب به المؤمنون سواء

كان ذلك فيما بينهم أو بينهم وبين غيرهم.

وقد جاء في (الصحيح)

أنّ رهطا من اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلّم

فقالوا :

السام عليكم ن ففهمتها عائشة -رضي الله عنها -،

فقالت: وعليكم السام واللعنة ...

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة !

إن الله يحب الرفق في الأمر كلّه...).

فقالت : ألم تسمع ما قالوا ؟ فقال : (قد قلت : وعليكم.).

فكان الرد عليهم بمثل قولهم بأسلوب العطف على كلامهم و هو قوله :

(وعليكم)

أحسن من الرد عليهم باللعنة .فقال صلى الله عليه وسلم القولة التي هي أحسن،

و هذا هو أدب الإسلام للمسلمين من جميع الناس.

و أفاد قوله تعالى : (أحسن) بصيغة اسم التفضيل ،

أن علينا أن نتخير في العبارات الحسنة فننتقي أحسنها في جميع ما تقدم من أنواع

مواقع الكلام .فحاصل هذا التأديب الرباني هو اجتناب الكلام السيئ جملة ،

والاقتصار على الحسن ، وانتقاء واختيار الأحسن من بين ذلك الحسن.

و هذا يستلزم استعمال العقل والروية عند كلّ كلمة تقال ولو كلمة واحدة، فربّ كلمة

واحدة أوقدت حربا ، وأهلكت شعبا ، أو شعوبا ،

و ربّ كلمة واحدة أنزلت أمنا ، وأنقذت أمة أو أمما.

وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الكلمة الواحدة من الأثر في قوله :

(الكلمة الطيبة صدقة..)

البخاري

(واتقوا النار و لو بكلمة طيّبة)

البخاري
و هذا الأدب الإسلامي -وهو التروي عند القول ، واجتناب السيئ، واختيار الأحسن-

ضروري لسعادة العباد و هنائهم.

و ما كثرت الخلافات ، وتشعبت الخصومات ، وتنافرت المشارب ،

و تباعدت المذاهب ، حتى صار المسلم عدوّ المسلم

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:

(المسلم أخو المسلم)

البخاري ومسلم

إلا بتركهم هذا الأدب ، وتركهم للتروّي عند القول ،و التعمّد للسيئ

بل للأسوء في بعض الأحيان.

(إن الشيطان ينزغ بينهم إنّ الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبينا).

نزغ الشيطان : وسوسته ليهيج الشر والفساد.

و عداوته باعتقاده البغض ، وسعيه في جلب الشر والضر.

وإبانته لعداوته بإعلانه لها كما علمنا القرآن.

وهو يلقي للإنسان كلمة الشر والسوء، و يهيج غضبه ليقوله ،

ويهيج السامع ليقول مثلها، وهكذا حتى يشتدّ المراء ، ويقع الشر والفساد.

و لون آخر من نزغه ، وهو أنه يحسن للمرء قول الكلمة التي يكون فيها احتمال سوء

و يلح عليه في قولها ، ويبالغ في تحسين الوجه السالم منه

وفي تهوين أمر وجهها القبيح -حتى يقولها

فإذا قالها أعاد لسامعه بالنزغ يطمس عنه الوجه السالم منها

ويكبر له الوجه القبيح ، ولا يزال به يثير نخوته ، و يهيج غضبه

حتى يثور ، فيقع الشر و الفساد بينه و بين صاحبه.

فحذر الله تعالى عباده من كيده حتى يحترسوا منه إذا تكلموا وإذا سمعوا

فيتباعدون عما فيه احتمال السوء فضلا عن صريحه

ويحملون الكلام على وجهه الحسن عند احتماله له ، و يتجاوزون

عن سيئه الصريح ما أمكن التجاوز.

(ربكم أعلم بكم إن يشأ يُعذبكم و ما أرسلناك عليهم وكيلا).

أقوى الأحوال مظنة لكلمة السوء هي حال المناظرة و المجادلة

وأقرب ما تكون إلى ذلك إذا كان الجدال في أمر الدين والعقيدة.

فما أكثر ما يضلل بعضٌ بعضا أو يفسقه أو يكفره فيكون ذلك

سببا لزيادة شقة الخلاف اتساعا ، وتمسك كلٍّ برأيه و نفوره من قول خصمه

دع ما يكون عن ذلك من البغض و الشر.

فذكّر الله تعالى عباده بأنه هو العالم ببواطن خلقه و سرائرهم و عواقب أمرهم

فيرحم من يشاء بحكمته وعدله ، فلا يقطع لأحد أنه من أهل النار لجهل العاقبة

سواء كان من أهل الكفر ،أو من أهل الفسق ، أو من أهل الابتداع

كما لا يقطع لأحد بالجنة كذلك ، إلا من جاء نصّ بهم.

فلا يقال للكافر عند دعوته أو مجادلته أنك من أهل النار

ولكن تذكر الأدلة على بطلان الكفر و سوء عاقبته.

و لا يقال للمبتدع: يا ضال ، وإنما تبين البدعة و قبحها.

ولا يقال لمرتكب الكبيرة : يا فاسق ، ولكن يبين قبح تلك الكبيرة و ضررها

وعظم إثمها.فتقبح الرذائل في نفسها ، وتجتنب أشخاص مرتكبيها

إذْ رُبَّ شخص هو اليوم من أهل الكفر و الضلال تكون عاقبته إلى الخير والكمال

وربّ شخص هو اليوم من أهل الإيمان ينقلب-والعياذ بالله-

على عقبه في هاوية الوبال.

و خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم -أنه لم يرسله وكيلا على الخلق

حفيظا عليهم ، كفيلا بأعمالهم .

فما عليه إلا تبليغ الدعوة ونصرة الحق بالحق ،

والهداية والدلالة إلى دين الله وصراطه المستقيم.

خاطبه بهذا ليؤكد لخلقه ما أمرهم به من قول التي هي أحسن للموافق والمخالف

فلا يحملنهم بغض الكفر و المعصية على السوء في القول لأهلهما

فإنما عليهم تبليغ الحق كما بلغه نبيهم صلى الله عليه و سلم

ولن يكون أحد أحرص منه على تبليغه ، فحسبهم أن يكونوا على سنته وهديه

أحيانا الله عليهما ، وأماتنا عليهما ، و حشرنا في زمرة أهلهما، آمين.


"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، لمن كان

يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"

الأحزاب-21

ونظيره قوله تعالى:

{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ }

[ الأنعام : 115 ]

أي: كلماته الشرعية.

وهي إما خبر صدق، وإما طلب عدل إن كان أمرًا أو نهيًا،

ومن ذلك هذه الآية الكريمة:

{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ }

أي: قام بهن. قال:

{ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } أي: جزاء على ما فَعَل

كما قام بالأوامر وتَرَكَ الزواجر، جعله الله للناس قدوة وإمامًا يقتدى به

ويحتذى حذوه.

هذا ما أردت أن أنفع به إخواتي،

مما يكون لهم عونا في دنياهم ، وأخراهم.

وفقنا الله للعلم النافع و العمل الصالح ، وللكلمة الطيّبة -خصوصا في هذه الأزمان

نسأل الله تعالى الثبات



للامانة منقووول


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


اللهم انا نسال الثبات في الدنيا والاخره
اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك
فيجب على الانسان ان يستخدم لسانه في طاعة ويعوده على الاستغفار فهو من اسهل الطاعات وايسرها
موضوع راائع جدا
الله يعطيك العافيه ويجزيك خير
دمتي متميزه بنقلك الرائع
لك ودي


__________________________________________________ __________

يســـلموووو ع المـوووضـوع الراائـع

~~تحـياااتـي~~


{{*تــووولـيـن*}}


__________________________________________________ __________

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجاتي بحجابي
اللهم انا نسال الثبات في الدنيا والاخره
اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك
فيجب على الانسان ان يستخدم لسانه في طاعة ويعوده على الاستغفار فهو من اسهل الطاعات وايسرها
موضوع راائع جدا
الله يعطيك العافيه ويجزيك خير
دمتي متميزه بنقلك الرائع
لك ودي


نورتي اختي الغالية اسعدني مرورك


__________________________________________________ __________

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *تولين*
يســـلموووو ع المـوووضـوع الراائـع

~~تحـياااتـي~~


{{*تــووولـيـن*}}

الله يسعدك اختي الكريمة .. مشكورة عطرتي صفحتي


__________________________________________________ __________

جزاك الله خير اخيتي بارك الله فيك
اسال الله ان ييسر امورك ويسهل دربوك
ويسعدك في الدارين
امين امين امين