عنوان الموضوع : رحلة الأحلام على مدى الأيام 1 من عاشقة الجزائر روايات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
رحلة الأحلام على مدى الأيام من الجزائر
رحلة الأحلام على مدى الأيام من تأليفي
السلام عليكم أخواتي
هذه الرواية من خيالي ولكن فيها كثير من الأشياء وقعت لي أتمنى من قلبي تعجبكم
سامحوني أخواتي لا أستطيع نشرها مرة واحدة لازم أنشرها بأجزاء لأنها طويلة
**** مقدمة ****
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد الطاهر الأمين و بعد
أقدم هدا العمل المتواضع لعائلتي كلهم خاصة والدي العزيزين أسأل الله أن يحفضهما لي و يرزقهما الصحة و العافية
إلى كل صديقاتي من قريب و من بعيد كل أساتدتي من الطور الإبتدائي إلى الطور الجامعي
رحلة الأحلام على مدى الأيام
في أحد أيام الشتاء كنت في بيتنا. و ٳذا بشخص يطرق باب غرفتي و إذا بها أمي تقول بصوت خافت "حفيظة" افتحي الباب. فتحت الباب فدخلت "أمي" مسرعة و هي تردد بصوت خافت هناك شخص بالطابق السفلي فقلت لها سوف أخرج بسرعة اذهبي و أنبئي الآخرين. أسرعت أمي إلى إخوتي و أبي ثم صعدنا إلى الطابق الأخير طابق الخردوات. أين توجد نافذة نستطيع فيها التطلع إلى ما يحدث أمام البيت. و إذا بنا نرى شخصا يخرج فارا من الطابق السفلي. يشبه الذئب لسواد ثيابه ووجهه المغطى. و بعد عدة دقائق وصلت الشرطة التي اتصلنا بها و لكنها لم تجد له أثرا بعد ذلك.
كان ذلك اليوم مثلجا وصادف يوم المولد النبوي الشريف. فا ستغل اللص فترة تحضيرنا للعشاء لسرقة بعض أثاث المنزل الثمين و قليل الوزن. كان اللص يحمل على ظهره كيسا مملوءا بالمسروقات. حيث يبدو أنه ليس نحن الضحايا فقط بل هناك آخرون. اختفى ذلك اللص في لمحة البصر و صار و كأننا لم نراه و لكننا توقعنا عودته مرة أخرى̣
بعد رحيل اللص سمعنا صوتا ينادي في بيت جارنا " أدهم" الذي كان بيته مقابلا لبيتنا. كان صوت ابنه الصغير" أيمن". ذهب أخي "محمد" يجري و دخل إلى بيت جارنا فوجده مقيدا و فك قيده فشرع يحكي ما حدث له بخوف عميق و الدموع تنحدر من عينيه."بينما كنت أحظر العشاء مع زوجتي و الأولاد نزلت إلى الصالون فإذا بشخص يكسر أحد نوافذه و يقفز متجها نحوي و بيده مسدس فجمدت في مكاني كالصخرة. لأنه كان يهددني بالقتل إذا لم أسلمه مبلغا من المال. و لما لبيت له مراده قيدني وانصرف لشأنه كأنه لم يفعل شيئا "
لقد أزعجنا ذلك اللص كثيرا و سبب لنا الحزن. فقرر أبي أن يأخذنا في جولة نحو المدينة. فاتفقنا على الذهاب للترفيه عن أنفسنا و نسيان ما وقع ذلك المساء
اتجهنا نحو المدينة فسرنا قليلا و في منتصف الطريق واجهنا ما لم نكن نتوقعه انه ذلك اللص. كان خائفا و شرع يجري و ما له من غاية و لكننا هذه المرة أمسكنا به و نزعنا له المسروقات. لقد أجهش بالبكاء و عندما سألناه عن سبب بكائه أخبرنا أنه لم يكن في نيته أن يسرق. ولكنه أراد إسعاد زوجته و الأولاد في هذا اليوم السعيد و لكنه فقير و لا يستطيع شراء حاجياتهم. و ما المسدس الذي كان يحمله إلا مسدس مزيف يعد من لعب الأطفال. و لكن أبي ذكره بأنه مهما يكن فلن يسرق أبدا فهذه معصية كبيرة يعاقب فاعلها عقابا شديد̣ا و أيضا الإحتفال في هذا اليوم بدعة و لا ضرورة لكل هذه التحضيرات.
أخبرنا اللص و اسمه" فارس" انه يسكن في كوخ صغير أعلى الغابة وبينما نحن نكلمه سمعنا صوتا ينادي" أبي. أبي" علمنا أنه ابن" فارس".
لقد كانت ثياب إبنه رثة بالية مرقعة ترقيعا توحي حقا بالفقر الذي يعاني منه, لقد بلغ قلوبنا الأسف لذلك و عندها قدم له أبي بعض المال, و وعده جارنا "أدهم أن يجد له عملا و لو كمنظف
كم كان فارس فرحا بذلك فودعناه و أكملنا طريقنا نحو المدينة و استمتعنا و تنزهنا و عند عودتنا صلينا صلاة العشاء جماعة و تلونا قسطا من القرأن و كم كان ذلك رائعا فنمنا سعداء مطمئنين.لم أستطع النوم و استلقيت على سريري. أتأمل تلك النجوم المضيئة والقمر الساحر بلمعانه.كنت أفكر فيما حدث ذلك اليوم وبعد مدة نمت
̣ في الصباح الباكر و ككل عادتي أذهب إلى المدرسة كان أبي يوصلني بسيارته عند ذهابه إلى العمل. وفي المساء يأتي لاصطحابي عند عودته̣
ذات يوم بينما نحن نسير في طريق العودة توقفت السيارة بسبب عطل بها. و بينما أبي يصلحها و أنا واقفة أساعده رأيت شيئا ما يتحرك على جانب الطريق.ذهبت إلى هناك مسرعة فوجدت دبا صغيرا بنيا رائعا. يبدو أنه لا يتجاوز الخمسة أشهر مجروحا في أحد رجليه. أخبرت أبي بذلك وبعد إصلاح السيارة قررنا العودة وأخذه عند الطبيب البيطري بالمدينة الذي أخبرنا أنه لا يزال في أشهره الأولى. ولم يمضي على إنهائه فترة الرضاعة إلا أسبوعين( والتي تدوم أربعة أشهر) . فقررنا أخذه والاعتناء به حتى يشفى رغم أنه من المفروض أن يكون مع أمه في الغابة والتي تدوم حياتها معه حوالي عامين.وقررت تسميته" تشوبي" ̣
بعد حوالي عام و نصف. كبر تشوبي و أصبح ثقيل الوزن فقررت اطلاق سراحه في الغابة وتركه يتعلم كيفية العيش وحده.
بعد أيام بينما انا ذاهبة الى المدرسة وكان ذلك اليوم ذهب أبي باكرا لأن لديه أعمالا عالقة عليه اتمامها، مما يوجب علي الذهاب في حافلة المسافرين، وكنت ذلك العام ادرس السنة السابعة أساسي أي الأولى متوسط .
يتبع
22177299.jpg (115.2 كيلوبايت, المشاهدات 6) 22177887.jpg (94.5 كيلوبايت, المشاهدات 10)
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
ركبنا الحافلة واتجهنا نحو المدينة وفي الطريق توقفت الحافلة بسبب سقوط أحد الاشجاروسط الطريق نتيجة العاصفة الثلجية التي هبت الليلة الماضية
فلم نجد لنا من سبيل للذهاب الى المدرسة ،فنزلنا من الحافلة و شرعنا نساعد بعضنا في ازالة الثلج و محاولة رفع تلك الشجرة لإبعادها عن الطريق،و أثناء قيامنا بذلك ظهرت مشكلة اخرى و هي اختفاء الطفل الصغير
"أيمن" ابن جارنا "أدهم" فقد ضاع بين الأشجار في الغابة.
لقد ذهبو جميعا للبحث عنه، وما بقينا إلا أنا وصديقتي "صارة" و "أخي إسماعيل"،الذي كان هو الأخر معي في الحافلة، لقد عادوا بعد الزوال و لكنهم لم يجدو له أثرا، فقررنا نحن أيضا الذهاب للبحث عنه لقد بحثنا كثيرا حتى تعبنا مع أوان العصر، وحاولنا العودة إلى الطريق ولكننا لم نستطع، فقد تهنا نحنالآخرون في تلك الغابة الواسعة، وكنا تعبين جدا يتملكنا جوع شديد، فقررنا أن نرتاح قليلا،وفكرنا أنه يجب علينا إيجاد مكان آمن لننام فيه قبل حلول الليل، لقد سرنا قليلا و خلال سيرنا صادفنا الوادي الذي سمعت عنه الكثير خلال حياتي السابقة، و بينما نحن نسير انزلقت صديقتي "صارة " وكادت تهوي هناك بداخله، ولكنني أمسكت بيدها و أنقذتها، بمساعدة أخي "إسماعيل" الذي أمسك بيدي هو الآخر كي لا أنزلق معها.
جلسنا بجانب أحد الأشجار في منحدر قريب من الوادي وبثثنا بعض الأغصان لكي تساعدنا على النوم قليلا اتقاء الأرضية الباردة والمملوءة بالثلج، لقد كنا خائفين جدا حتى أننا كنا نصلي بالتناوب خوفا على أنفسنا، لكي لا نتعرض لخطر الذئاب التي تنشط في الليل كالعادة.
بعد بزوغ الفجر استيقظت فوجدت أخي "إسماعيل" يؤدي صلاة الفجر فأيقظت "صارة" فصلينا وبعد ذلك جلسنا قليلا لنفكر في مصدر لإطعامنا، فمنذ البارحة و نحن نعاني جوعا شديدا، ولكننا في ذلك الوقت لا نستطيع البحث عنه، لأن الظلام لا يزال يسود المكان و البرد كان شديدا لذلك الصباح.
بعد ثلاث ساعات شرعنا نتجول في الغابة بجانب الوادي، ليتنا نجد شيئا نسد به جوعنا، فكرنا في اصطياد بعض السمك من الوادي، سمك السلمون الذي ينتشر فيه كثيرا، ولكننا أخفقنا بسبب عدم خبرتنا وعدم توفر الوسائل للصيد، فحل الزوال ولم نصطد شيئا، ولكن أخي "إسماعيل" كان أبرع منا و تمكن من صيد سمكة كبيرة تكفي لنا الثلاثة فتناولنا غدائنا و حمدنا الله على نعمته علينا.
بعد انتهائنا من الطعام أكملنا سيرنا على حافة الودي حتى سمعنا صوتا ينادي "ماما، ماما" هرعنا مسرعين إلى مكان الصوت وإذا به الطفل الصغير"أيمن" وجدناه خائفا جدا و يبكي يعاني بردا شديدا، لولا وصولنا في الوقت المناسب لقد حاولنا طمأنته و منحنا له بعض السمك الذي كنا قد تركناه من تلك السمكة
لربما لم نجد طعاما للعشاء، سألناه عن كيفية وصوله إلى ذلك المكان، فأخبرنا
انه كان بالقرب منا حتى رأى أرنبا أعجبه كثيرا، فتبعه قليلا حتى وجد نفسه تائها في الغابة، ولكنه ولصغر سنه لا يميز بين الأماكن التي مر بها لأن عمره ثلاث سنوات، فقد تهنا نحن الكبار فكيف لا يتوه هو ،و لكنها كانت مفاجأة رائعة عندما وجدناه، وقد حمدنا الله على سلامته كثيرا .
واصلنا سيرنا في تلك الجبال التي كانت تنبؤ بأنه لا مخرج منها خاصة مع شهرتها بالحيوانات المتوحشة كالذئاب والدببة و غيرها وبينما نحن نسير مع أوان العصر لمحنا في الضفة الأخرى من الجبل الذي يتوسطه الوادي، كوخا صغيرا مهترءا مجاورا لأحد الينابيع التي تصب بالوادي، قصدنا الكوخ
فوجدنا بداخله شيخا كبيرا يعيش هناك منذ زمن بعيد و اسمه "عمي أحمد"، لقد استقبلنا الشيخ بفرح و سرور و قدم لنا الطعام و ساعد أيمن كثيرا في التكيف مع الجو البارد لذلك المساء بمساعدة "إسماعيل"، لقد كنا تعبين جدا،
فبمجرد أداء صلواتنا التي كنا نؤديها بالتقريب من وقتها لأنه ليس لدينا وسائل لمعرفة وقت الآذان، و نمنا بعد ذلك دون إحساس بما يحيط بنا.
في الصباح أيقضنا "عمي أحمد"، لأداء صلاة الفجر، وبعدها تناولنا فطورنا، أرشدنا إلى طريق ما يظن أنه سيؤدي إلى طريق العودة، لكننا بمجرد بداية مسيرتنا تعقدت طريقنا واتجاهاتها، و كدنا نتوه مرة أخرى فعدنا إلى كوخ "عمي أحمد" مرة أخرى ولكننا هذه المرة طلبنا منه مرافقتنا و لكننا لم نستطع إقناعه إلا بعد جهد مرير، فله أسباب خاصة جعلته يرفض الحياة خارج الغابة، فرحنا كثيرا عندما قررالذهاب معنا لأننا سنكون مطمئنين معه، و بدئنا رحلة العودة بعد غد.
في اليوم التالي انطلقا و سرنا عدة ساعات على ضفاف الوادي، فتعبنا مساءا و قررنا الاستراحة بجواره، بعدما غربت الشمس أشعلنا النار فحل الليل علينا مرة أخرى، و لا زلنا ضائعين في الغابة، وما إن حل الليل حتى انتشرت الأصوات المرعبة محيطة بنا من كل مكان، فخفنا كثيرا ولكننا كنا مطمئنين قليلا مع"عمي أحمد"و"إسماعيل" اللذان سيحاولان حمايتنا ما استطاعوا. زرعنا على الأرض تحت أحد الأشجار كالعادة مجموعة من الأغصان الصغيرة الغنية بالأوراق و بعض الأغطية التي جلبناها معنا من كوخ "عمي أحمد".
نمت بعض الليل و استيقضت فأحسست أن شيئا ما يتحرك أمامي فتحت عيني و نهضت مسرعة و أشعلت ضوءا حتى رأيت أمامي دبا واقفا، وطبعا هو"تشوبي" دبي الصغير، فقد أحس بي من بعيد و اشتم رائحتي فتبعها وهذا ما تتقنه الدببة لأن حاسة النظر لها ضئيلة جدا، لقد جلس أمامي فسألته كثيرا عما حدث له خلال غيابه ولكنه لا يستطيع إجابتي طبعا لأنه لا يتكلم، و لكنه كان يصغي إلي باهتمام كأنه يفهم كل كلامي، حتى نال مني النعاس فنمت دون إحساس.
استيقظنا مع بزوغ الفجر ولكن "عمي أحمد" استغرب من ذلك عندما رأى الدب أمامنا، ولم يؤذنا كأننا نعرفه و ألفناه من زمن، فسرنا له و أخبرناه انه دب كان يعيش في بيتنا منذ عامين أي منذ أن عثرت عليه في الغابة مصابا على حافة الطريق.
بعد شروق الشمس هيئنا أنفسنا لمواصلة مسيرتنا المعتادة للبحث عن مدينتنا الضائعة، سرنا بضع أمتار، فشرع "عمي أحمد" يصف لنا المناطق التي كان يمر بها خلال عيشه بالغابة، وأهم ما يميز تلك المناطق الغنية بأشجار الصنوبر، بشكلها الرائع الأخاذ، لقد اكتسبنا معارف جديدة و معلومات قيمة حول روائع ما خلق الله، و مع حكمة"عمي أحمد" في سرده للمعلومات ازداد حبنا للرحلة و اكتشافاتها.
بلغنا احد الجبال التي يمر منها الوادي عادة، فلمحنا اكبر الشلالات بالوادي الذي يبلغ طوله حسب معلومات"عمي أحمد"30 مترا وعرضه 20 مترا، وتنمو على أطرافه مختلف النباتات والأزهار النادرة مثل زهرة الحياة، ذات اللون البنفسجي الفاتح الذي يشبه لون زهرة النرجس في شكلها الفاتن الجمال، وما يميز تلك الغابات أشجارها الرائعة بشكلها المخروطي المنسجم مع شكل الجبال.
حل الزوال و نفذ الطعام فبكى "أيمن" كثيرا وجعنا جوعا شديدا لكن"عمي أحمد" كان أدرى منا بأسرار الغابة حيث كان محترفا في الصيد و يعلم أماكن تواجد الحيوانات التي نستطيع اصطيادها كالأرانب، لقد اصطاد لنا أرنبا في مدة قصيرة فتناولنا طعامنا بعد طبخه على الطريقة البدائية، التي ألف "عمي أحمد" الطبخ بها.
ارتحنا حتى المساء فتعشينا بما بقي في الغداء، فحل الليل و أوفينا الليلة الرابعة و لم نعد إلى البيت.
Image1hhhhhh.jpg (80.7 كيلوبايت, المشاهدات 2) Image1.jpg (94.1 كيلوبايت, المشاهدات 1)
__________________________________________________ __________
غاب القمر و بزغ الفجر في مطلع النهار، فاستعدينا لإتمام مسيرتنا نحو مدينتنا الضائعة. لقد كان "عمي أحمد" كريما و حكيما حيث كان يحمل على ظهره "أيمن" بالتناوب مع" إسماعيل"، في المناطق المنحدرة، وكان لا يسمح لنا بالابتعاد كثيرا فكنا نصغي إليه كأننا نصغي إلى أحد أوليائنا.
في المساء ومع أوان العصر جلست على أحد الصخور مع صديقتي "صارة" و أيمن نائم أمامنا فلفت انتباهي تلك القمم الثلجية الرائعة و الأشجار و المناظر الخلابة التي وهبها الله لنا لنتفكر فيها ، و كان أكثر ما لفت انتباهي تلك البحيرة المتلألئة بمائها اللامع على سطحها تعكس جمال الغابة بأكملها ، وزرقة السماء التي لا مثيل لها ، فنزداد إيمانا بقدرة الله التي لا ينافسه فيها أحد غيره.
حل الغروب ونحن لا نزال على ضفاف الوادي كالعادة، ولكن "عمي أحمد" تحرك حينها حركة غير عادية، فقد رأى في السماء ما لا نراه نحن، و قال : "عاصفة على الأبواب"، و كما تعلمون عواصف هذه المنطقة قوية وباردة كثيرا، فقلقنا على أنفسنا و رأينا أنه يجب علينا الاحتماء قبل حلولها و لحسن حظنا كنا نملك بعض المستلزمات التي جلبناها من الكوخ، لقد كنا بجانب أحد المنحدرات و حاولنا الاحتماء تحت أحد الصخور فحلت العاصفة و كنا قد احتمينا قليلا.
لقد انقلبت زرقة السماء إلى سوداء تملأ الفضاء خوفا و حزنا رهيبا، و الرياح التي كانت تزيد ذلك بصوتها المرعب، والثلوج التي كانت تغطي المكان الذي كنا نحتمي فيه، لقد كانت كلها أسباب كافية للخوف على أنفسنا و التفكير في مصيرنا بعدها، فقد بلغ البرد قلوبنا، ولم نستطع السيطرة على أنفسنا، حتى استسلمنا إلى النوم الواحد تلو الآخر.
فجأة فتحت عيني فوجدت العاصفة قد هدأت و أشرقت الشمس في الصباح و استيقظنا، فرأينا كل شيء هادئا و كأنٌه لم يحدث شيء، و رأينا السماء مسالمة وديعة لا تنبئ بالخطر، بعدما حمل الليل لنا على غير انتظار تجربة قاسية، فما إن توارت أشعة الشمس و حل الليل حتى اشتدت الرياح فجأة و هذا ما حدث ليلة البارحة.
سرنا و نحن نتأمل الثلوج و الأشجار و كيف أصبحت الغابة بعد العاصفة بحثا عن الطعام، و لكن ما كنا نرى غير كل شيء مغطى بالثلوج، و بعض الأغصان الساقطة على الأرض جرٌاء الرٌياح و لكنه بعد السير عدة أمتار أدهشنا شيء لم نكن نتوقعه أبدا، و هو آثار أقدام إنسان جديدة( أي لم تتأثر بعوامل الطبيعة بعد)، فتبعنا تلك الخطى إلى أن بلغنا أحد الكهوف الصغيرة،
فاكتشفنا أن الآثار تنتهي عند مدخله، فنادى"عمي أحمد":" هل هناك أحد"،
فخرج شاب في مقتبل العمر اسمه "محمد" و هو شاب كان يعرف "عمي أحمد" منذ سنوات ولكنه لم يتسنى له رؤيته وجها لوجه فهو مثلا كان يراه في الضفة الأخرى من الجبل و عندما يذهب إلى هناك لا يجده.
بعدما تحدث"عمي أحمد" و "إسماعيل" مع "محمد" قليلا أخبرناه عن رحلتنا فقرر الذهاب معنا لأن كانت غايته العودة إلى عائلته التي تقطن بالمدينة نفسها معنا، والتي لم يرها منذ صغره، فأكملنا رحلتنا و نحن نشكل فريقا رائعا: "أنا و صارة"،"إسماعيل"،"عمي أحمد" ،"أيمن" و"محمد"، فكذا أصبحنا أكثر أمانا لأن"عمي أحمد"و"محمد" يعرفان مخاطر الغابة حق المعرفة و تأثيراتها علينا، كما أنه في بعض الأحيان أرى "تشوبي" الذي يأتي دائما في أوانه.
قضينا اليوم و نحن نكلم "محمٌد" و نسأله عن عائلته و سبب عيشه في الغابة تارة، ونستريح تارة أخرى في أوقات الصلاة أو الطعام، فحل الظلام و نمنا بأحد المنحدرات كالعادة كي نتقى ذوبان الثلج فوقنا.
في اليوم الموالي بينما نحن نسير التقينا ب"تشوبي" الذي فرحت كثيرا لرؤيته و لكنه بعد دقائق من رؤيته تحرك حركة غير عادية، و رفع رأسه و بدأ يدمدم صوته المعتاد صوت الدببة، و فجأة رأينا دبا كبيرا يدمدم بالصوت نفسه فذهب "تشوبي" نحو ذلك الدب بسرعة وبدا و كأنه عانقه ورحب به فبقينا مندهشين لهاذا المنظر الرائع و أدركنا أنه ما يكون ذلك الدب إلا أم "تشوبي"، وبعد مدة نظر إلي"تشوبي" نظرة حزن ثم رحل معها.
حزنت ذلك اليوم كثيرا فقد طغى على تفكيري رحيله، لأن مفارقته صعبة، فبعدما ربيته و اعتنيت به و قدمت له معالم العيش رفقة الإنسان غادر مع أمه في لحظة واحدة، مما جعلني أخشى عدم رؤيته مرة أخرى مرٌة أخرى، وكان أكثر ما آلمني هو تذكر تلك الأيام التي قضيناها معا في بيتنا و هو صغير، لقد كانت حقا أياما لا تنسى.
Image1cff.jpg (30.0 كيلوبايت, المشاهدات 0)
__________________________________________________ __________
في الليل نمنا كالعادة في الغابة و لكنني لم أستطع النوم ما كنت أفكر إلا في بيتنا و كيف أحوالهم، و بينما أنا أفكر مستيقظة سمعت صوتا مرعبا، فنهضت مسرعة فرأيت منظرا مخيفا جداٌ، و كانت تبدو كأعين براٌقة قريبة منا، فخفت كثيرا و حاولت إيقاظ "صارة" التي كانت بجانبي نائمة، فلم استطع و صرخت صرخة أيقظت الكل من مكانهم، فتحركت تلك العيون بسرعة متجهة نحونا فتبين أنها ذئاب تحاول مهاجمتنا، و لكن"تشوبي" حظر في الوقت المناسب مع أمه و تصدى لهم بكل شجاعة بمساعدتها، كم كان ذلك رائعا عندما رأيته، فحمدت الله كثيرا على سلامتنا و إرساله"تشوبي" لإنقاذنا.
جلس "تشوبي" أمامي، وبدا وكأنه يريد أن يحدثني و كان أكثر ما يفرحه هو أن احكي له قصة فيصغي إلي كأنه يفهم كل كلامي، ففعلت ذلك، و بعد مدة قصيرة رحل و لكنني هذه المرة فكرت في أنه مثلما وجدته هذه المرة سأجده مرة أخرى.
بعد عدة أيام، و خلال إحداها استيقظنا صباحا و لكن على غير العادة، فقد رأينا احد الطائرات الصغيرة، ففرحنا كثيرا و ظنناهم جاءوا للبحث عنا، و ربما أرسلهم أبي لذلك و فكرنا في أن نلوح لهم لربما يروننا لكن دون جدوى، فقد ظهرت الطائرة و مرت بسرعة دون أن تنتبه لتلويحاتنا فيما يبدو، ثم اختفت لم نحزن لذلك بل شعرنا بالاطمئنان على أننا لسنا معزولين عن العالم، فقد أصبح همنا الوحيد إكمال الرحلة و الاتجاه نحو المستقبل.
في مطلع النهار كانت السماء صافية و الجو هادئ لا ينبئ بالخطر لكنه سرعان ما بدأت تتغيم السماء و بدا أن ذلك اليوم يوم العاصفة سيعيد نفسه مرة أخرى، بدأ الثلج يتساقط بسرعة وسرعة الرياح تزداد شيئا فشيئا، فغطتنا الثلوج و لم نعرف لنا سبيلا لاتقائها، لقد خاف"أيمن" كثيرا و بدأ بالبكاء كالعادة مثلما يفعل الأطفال الصغار عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على مواجهة خطر ما، و لكن "إسماعيل" و"محمد" كانا بجانبه يحاولان تهدئته و إنسائه هم العاصفة قليلا، حتى هدأ، لقد كنا محظوظين ففي هذه الأثناء تذكر "محمد" شيئا ما، هو أنه يوجد كهف صغير كان يأوي إليه خلال الأيام الصعبة كهذه، فأرشدنا للذهاب إليه، فأسرعنا نحوه دون أن نبالي بتلك العقبات في طريقنا كالمنحدرات و الأرض الزلقة بسبب الثلوج.
بثثنا أغطيتنا على الأرض ووضعنا أمتعتنا و حاولنا أن نغلق مدخل الكهف قليلا ولكن الرياح كانت أقوى من كل محاولاتنا، تساقط الثلج حتى المساء و اصطحب معه بردا قارسا جعلنا مجتمعين في مكان واحد منتظرين هدوء العاصفة التي غضبت في وجهنا.
توقف الثلج أخيرا، في اليوم الموالي فأرسلنا "محمد"و"إسماعيل" إلى الوادي لاصطياد بعض السمك لنا، و بينما هم يصطادون رأو "تشوبي" بقرب الوادي فبدا و كأنه يريد مساعدتهم و في نفس الوقت يتناول طعامه.
فرحت كثيرا عندما رأيته، فلم أره منذ أيام، بعد ذلك وفي المساء تعشينا و صلينا ونمنا مباشرة لأننا كنا تعبين جدا.
في اليوم الموالي صباحا، أشعلنا النار لنتدفأ كالعادة، لنتقي البرد القارس لذاك الشتاء، ذهب "محمد"و"إسماعيل" لاصطياد شيء لإطعامنا كما يفعلون دوما، فما إن يحل وقت الزوال إلا وكانوا أحظروه لنا ووفروه لنا بكل ما يملكون من الوسائل، إما السمك من الوادي، أو أحد الأرانب التي تجول في المكان.
بعد مرور عدة أيام حل الربيع وزالت برودة الطقس التي كانت أهم صعابنا، من خلال العواصف الثلجية التي كانت تعيقنا عن مواصلة مسيرتنا. مع بداية الربيع تغير ما حولنا، فقد اكتست الأشجار خضرة لا مثيل لها، و أصبحت الغابة أكثر جمالا وروعة مع تفتح الأزهار، فشعرنا و كأننا في جنة خضراء، بورودها التي تنبعث منها روائح الفرحة و السرور.
__________________________________________________ __________
في احد الأيام بينما نحن جالسين بقرب أحد القمم الثلجية التي أردنا ذلك اليوم على غير العادة تسلقها، حتى نادانا "عمي أحمد" بصوت عال"تعالوا"، ذهبنا نجري نحوه فلم نصدق ما رأيناه ما هذه المفاجأة التي حملها لنا ذلك اليوم تصوروا إنه سهل كبير مقابل لتلك الجبال الكثيفة.
حزمنا أمتعتنا بسرعة البرق لغرض الذهاب إلى ذلك السهل الذي رأيناه و الذي يحتوي على أراضي زراعية رائعة.
بعد السير ذلك اليوم نمنا بأحد المنحدرات المؤدية إلى السهل، و في الصباح نهضنا مسرعين لإكمال مسيرتنا و بعد عدة ساعات بلغناه(السهل) و بمجرد وصولنا لمحنا مجموعة من المزارعين فرآنا أحدهم والتحق بنا، و شرع يسألنا الكثير من الأسئلة، لأننا كنا نبدو ضائعين، لقد علمنا أنه أحد سكان قرية قريبة يتوسطها النهر و التي كانت تبدو لنا من الجبال كمجموعة منازل متباعدة فيما بينها.
أرشدنا ذلك الرجل إلى الطريق وواصلنا معه السير حتى القرية، لقد التقينا بأناسها فرحبوا بنا و أطعمونا ووفروا لنا ما نحتاجه، من منزل كمأوى لنا لعدة أيام و أشياء أخرى كنا بحاجة إليها.
في صباح الغد شرعنا نستكشف القرية والتي كانت تبدو صغيرة جدا مقارنة بقريتنا، فيوجد بها مسجد، و عيادة ومدرسة و عدة مرافق ضرورية أخرى، أما البلدية التابعة لها(القرية)، فقد كانت بعيدة نوعا ما، و تبعد أكثر من ساعة.
بينما نحن نسير لفت انتباهي فتاة صغيرة سمعت أحدهم يناديها "سمية" و لكنها كانت تبدو سعيدة، فتملكني الفضول لأنها كانت واقفة أمامي، فسألتها عن سبب سعادتها و الجميع مستغرب مني، فبينما أنا أسألها نادها أحدهم ابنتي "سمية" (و كان أبوها)، لقد سأله "محمد" عن سبب ذلك اليوم السعيد فأخبره أنه لطالما حاول إقناعها بالذهاب إلى المدرسة من قبل و لكنها كانت ترفض ذلك بسبب مرض أبيها، و عدم امتلاكهم المبلغ اللازم لتدريسها ، ولكنها ذلك اليوم قررت وحدها إلى المدرسة التحضيرية مع أنه كان آخر فصل دراسي في العام و سبب قرارها هو شفاء أبيها ومنذ أقل من يومين قرر أحد أثرياء القرية النظر في عائلتها بمساعدتها لأنها أصبحت من أفقر أهل القرية و لم يكن أحد يعلم بذلك من قبل لأن بيوتهم متباعدة قليلا فيما بينها و لا يتعارفون كثيرا، فمعظم سكان القرية يملكون بيوتا محترمة و أملاكا مختلفة بالإضافة إلى أعمالهم.
لكن منصور كان ضحية المرض، فقد توقف عن العمل لمدة عامين كاملين و لم يشفى إلا من عدة أيام بعد تعرضه لحادث مرور أليم كاد يودي بحياته، لكنه عند عودته إلى العمل وجد مديرا آخر للشركة التي كان يعمل بها رفضه كعامل هناك
لقد منح ذلك الثري منزلا فاخرا لعائلة " منصور" أبو "سمية" (لأن منزله قد اهترأ) ،والذي كان ملكا لإبنه الذي قضى عليه المرض في عز شبابه، الذي لم يذق الحياة بعد، فقرر ذلك الرجل إسعاد" منصور" و عائلته لكي يحس ببعض ما كان سيحدث لإبنه لو عاش، بالإضافة ‘إلى هذا منحه رجل آخر عملا عنده، فأصبحت عائلة " منصور" أسعد عائلة بالقرية.
ودعنا "سمية" و نحن تغمرنا سعادة فائقة ما عدا "محمد" الذي بدا شاحب الوجه لا نرى مرحه و نشاطه المعتادين، فاستفسرنا عن ما حدث له، فأخبرنا أنه في أول أيام دراسته في السنة الثانية ابتدائي( و كان عمره 7 سنوات)، وجد نفسه عالقا أسفل أحد الأشجار و قد غطت الثلوج جزءا من جسمه الصغير، أما أبوه فلم يظهر له أثر له لا هو و لا سيارته.
أسفنا لحاله و قررنا العودة إلى المنزل الذي نقيم فيه ليرتاح قليلا و نحاول أن ننسيه بعض ألمه.
لقد قررنا ذلك اليوم المكوث عدة أيام أخرى لنكتسب معلومات أخرى عن طريق العودة، مع أن ذلك سهل في مدينتنا حيث تتوفر هواتف نقالة و حواسب في كل مكان.
__________________________________________________ __________
كان "محمد" يذهب إلى مدرسة خاصة بالقرية للدراسة، مثلنا نحن الذين كنا نلتحق بمتوسطة تقع بالبلدية التي تنتمي إليها القرية، بالإضافة إلى أيمن الذي كنا نأخذه إلى الحضانة، أما "عمي أحمد" فقد كان يذهب إلى مسجدها و يظل هناك ما عدا أوقات الطعام و الراحة.
لقد كانت تلك القرية حقا قرية رائعة لا تنسى بأناسها الطيبين، و هدوئها الدائم ،قضينا بها أكثر من شهر لأنها كانت بعيدة جدا عن مدينتنا، في تلك الفترة كنا نأمل أن يأتي أحد للبحث عنا، لكن دون جدوى، و لكنه كانت مفاجأة رائعة، فقد التقى"محمد"و"إسماعيل" صدفة بشخص يدعى "سامي" و الذي يعرف صديقتي "صارة" و عائلتها و لكنها لم تكن تعلم ذلك.
بعد مرور أسبوع آخر قررنا العودة إلى قريتنا مرورا بالبلدية التي تنتمي إليها القرية التي كنا بها، بعدما قرر "سامي" اصطحابنا بسيارته والذي أرسله أبوه في دعوة لعائلة "صارة" للحضور لقضاء شهر رمضان و عيد الفطر معهم فهو طالما كان يبحث عنهم و لكنه لم يجد لهم أثرا.
بعدما سرنا عدة ساعات بالسيارة لأنها كانت بعيدة عن قريتنا كثيرا، حل الليل فأقمنا بأحد الفنادق يوما واحدا ثم واصلنا سيرنا صباحا، و بعد عدة ساعات و بينما نحن نسير صادفنا في الطريق مفاجأة رائعة إنه جارنا "أدهم" جاء للبحث عن "أيمن" و الذي طار من الفرحة لرؤية أبيه و أمه بالسيارة، أما والديه فقد حمدا الله كثيرا على سلامته، رحبت بنا أم"أيمن" كثيرا و عانقتني بحرارة، وما كان سؤالي الأول إلا عن أمي الحبيبة و كيف حالها وأبي أيضا، سألتها كثيرا عن البيت عن إخوتي " سمية، محمد، زينب، أمينة، يوسف" لقد اشتقت إليهم جميعا.
رجعنا ذلك المساء إلى قرينتا ولم نصدق أنفسنا فقد ظنننا أنه لن نعود إليها أبدا، دخلت إلى بيتنا بسرعة مسرعة مع"إسماعيل" فوجدناهم بانتظارنا، بعما هاتفهم جارنا "أدهم" بالعثور علينا، كانت أمي أول من عانقني، و كانت أسعد
أم بعودتنا كلانا سالمين، و كذلك أبي و إخوتي الذين فرحوا بذلك أيضا.
كان "محمد" معنا عند عودتنا إلى البيت فاستغرب أبي عند رؤيته معنا، و كان عمره آنذاك 16 سنة، فحكينا لهم قصته مع أبيه حين كان صغيرا، حيث أنه في أول أيام التحاقه بالدراسة في السنة الثانية ابتدائي انزلقت سيارة أبيه عن الطريق، و عندما أفاق وجد نفسه عالقا أسفل أحد الأشجار و قد غطته الثلوج أما أبوه فلم يظهر له أثر لا هو ولا سيارته بالنسبة إلى"محمد" و حكينا لهم كيف وجدناه في الغابة و فرحه الكبير عند رؤيتنا.
أقام "محمد" في بيتنا حوالي شهر،و في أحد الأيام اصطحبه أبي معه إلى المدينة ليشتري مستلزمات البيت و كان ذلك اليوم يوم جمعة أي يوم عطلة، و بينما هم يسيرون فيها، رأى أبي أحد أصدقائه فذهب عنده ورحب به و سأله عني وعن أخي "إسماعيل" إن كنا قد عدنا أم لا، و سأله عن محمد أيضا لأنه لم يكن يعرفه من قبل، و لقد أخبر ذلك الشخص أبي أن صاحب محل المواد الغذائية "عمي عمار" يحتاج أبي لأمر يخص العمل فتوجه نحوه مباشرة.
دخل أبي المحل مع "محمد"، و لكنه رآى شيئا غريبا، لقد رأى صاحب المحل "عمي عمار" يتوجه نحو "محمد" و"محمد" هو ينظر إليه بتمعن و أول الدموع تنحدر من عينيه فتعانقا بحرارة، وكل منهما يسال الآخر أسئلة كثيرة لم يكن يفهمها أبي كلها، و لكن أهم ما شد انتباهه، قول "عمي عمار": أين كنت يا بني؟، حينها تبين لأبي أن "محمد" هو ذلك الإبن المفقود ل"عمي عمار" الذي طالما كان يبحث عنه.
سمع أبي نشيجهما طويلا، و حديثهما المتواصل إلى أن حان وقت العودة إلى البيت، كانت فرحة "أم محمد" كبيرة عندما أخبرها "عمي عمار" عبر الهاتف عن إيجاد ابنهما الضائع.
عاد أبي مساءا دون اصطحاب "محمد" معه، و عندما سألناه سبب ذلك، أخبرنا بما جرى، كانت مفاجئة كبيرة بالنسبة إلى "محمد" لم يكن ينتظرها أبدا.