عنوان الموضوع : (يا ايها الانسان ماغرك بربك الكريم)
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
(يا ايها الانسان ماغرك بربك الكريم)
قَال الْشَّيْخ: يَقُوْل الْحَق سُبْحَانَه وَتَعَالَى ايها الانسان ماغرك بربك الكريم (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك
الْكَرِيْم، الَّذِي خَلَقَك فَسَوَّاك فَعَدَلَك، فِي أَي صُوْرَة مَا شَاء رَكَّبَك)، وَالْلَّه مَا غِرْنَا
إِلَا كَرَمِه، اذ لَو عَلِمْنَا أَنَّه سَيُحَاسْبَّنا دُوْن رَحْمَة أَو مَغْفِرَة لِمَا تَقْتَرِفُه أَيْدِيَنَا، أَو أَنَّه تَعَالَى
لَم يَفْتَح بَاب الْتَّوْبَة لطَالِبِيُّهَا فِي أَي يَوْم مَا لَم يُغِر غَرُّوَا، لِمَا أَمْعَنْا فِي الْغَفْلَة مُعَلِّلِين
الْنُّفُوْس بِالْأَمَانِي الْطِّوَال.
وَأَقِف قَلِيْلا عِنْد (فِي أَي صُوْرَة مَا شَاء رَكَّبَك)، صُوَر بَدَنِيَّة قَد يَكُوْنفِيْهَا مِن الْقُبْح أَو الْعَجْز، أَو صُوَر نَفْسِيَّة قَد يَكُوْن فِيْهَا مِن الْحُزْن أَو الْخَوْف، فَان كُنْت مُمِن
مَن الْلَّه عَلَيْهِم بِكَمَال الْخِلْقَة وَاسْتِقْرَار الْنَّفْس فَاعْرِف الْفَضْل أَوَّلَا وَاعْلَم ثَانِيا أَن مَّن أَعْطَاك
قَد يَسْلُبَك فِي أَيَّة لَحْظَة، وَأَن مَن كَمَلِك قَد يَنْقُصُك فَتَأَدَّب.
انَّنَا كَثِيْرَا مَا نَغْفُل عَن حَقِيْقَة (وَمَا يَعْزُب عَن رَّبِّك مِن مِّثْقَال ذَرَّة فِي الْسَّمَاء
وَلَا فِي الْأَرْض وَلَا أَصْغَر مِن ذَلِك وَلَا أَكْبَر إِلَّا فِي كِتَاب مُّبِيْن )، فَالْحَرَكَات وَالْسَّكَنَات
وَاللَّحَظَات وَالْخَطَرَات مَجْمُوْعَة لَنَا يُحْصِيَهَا الْحَق سُبْحَانَه وَتَعَالَى وَتَعَرَّض عَلَيْنَا يَوْم الْقِيَامَة،
وَلَو أَنَّه مَا مِن عُقُوْبَة إِلَا أَن تَعْرِض عَلَيْنَا أَعْمَالُنَا أَمَام الْجَبَّار مَع مَا فِي ذَلِك مِن خِزْي وَعَار
لَكَفَانَا ذَلِك، (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِق عَلَيْكُم بِالْحَق انَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم
تَعْمَلُوْن)، فَإِلَى أَيْن الْفِرَار مِمَّا أُحْصِي حَتَّى الْيَوْم وَمِمَّا سَيُحْصّى إِلَى يَوْم الْلِّقَاء.
(أَم يَحْسَبُوْن انَّا لَا نَسْمَع سِرَّهُم وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِم يَكْتُبُوْن) فَحَتَّى
مَا نُحَدِّث بِه نُفُوْسَنَا أَو مَا يَعْتَلِج فِيْهَا مِن رَّغَبَات وَأَهْوَاء مَكْشُوْف لَرَّب الْعِزَّة مُحْصِى فِي الْكِتَاب يَوْم الْنَّشْر
مَعْرُوْض عَلَيْنَا فِي وَقْفَة قَد تَطُوْل وَلَن يُنْجِيَنَا مِنْهَا إِلَا رَحِمْتَه وَكَرَمِه.
قَد يَقُوْل قَائِل وَمَا سَبَب هَذِه الْغَارَّة ؟ أَقُوْل لِأَنَّنَا جَمِيْعَا صَرْعَى الْغَفْلَة ؟وَأَنَا أَوَّلَكُم- وَمَا أَتَمَنَّى
إِلَّا أَن نَنْتَبِه قَبْل الْمَوْت، وَقَد قِيَل: بَقِيَّة عُمَر الْعَبْد مَالِهَا ثَمَن، لِأَنَّهَا رَأْسْمَال الْنَّجَاة سِيَّمَا
لِمَن فَرْط فِيْمَا سَبَق، وَقَد قَال الْشَّاعِر:
بَقِيَّة الْعُمْر عِنْدِي مَالِهَا ثَمَن وَان غَدَا غَيْر مَثْمُوْن مِن الْزَّمَن
يُسْتَدْرَك الْمَرْء فِيْهَا مَا فَات وَيُحْيِي مَا أَمَات وَيَمْحُو الْسُّوْء بِالْحَسَن.
فَالْفُرْصَة مَازَالَت قَائِمَة وَقَد تَزُوْل بِلَحْظَة، فُرْصَة اسْتِدْرَاك مَا فَات مِن تَضْيِيْع فِي الْمَاضِي
وَهُو كَثِيْر، وَفُرْصَة إِحْيَاء مَا مَات فِيْنَا مِن وَظَائِف الْرُّوْح وَحَوَاسِهَا مِن كَثْرَة الْغَفْلَة وَزِيَادَة الْمَعَاصِي
وَهُو خَطِيْر، ثُم فُرْصَة أَن نَمْحُو الْسُّوْء بِالْحَسَن وَأَن نَذْهَب الْسَّيِّئَات بِالْحَسَنِات،
بَل ان الْحَق سُبْحَانَه يُبَدِّل سَيِّئَات الْعَائِد الآيب حَسَنَات، وَأَعُوْد
فَأَقُوْلايها الانسان ماغرك بربك الكريممَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيْم )وَالْلَّه مَا غِرْنَا إِلَا كَرَمِه.
هَل تَعْلَم مَا الَّذِي يَعْنِيْه أَن يَكُوْن بَاب الْتَّوْبَة وَالْقَبْول مَا يَزَال مَفْتُوْحا وَفِي الْوَقْت
نَفْسِه قَد يُغْلَق فِي أَيَّة لَحْظَة، يَعْنِي أَنَّنَا فِي نِعْمَة كِبِيْرَة لَا تَقْدِر وَلَكِنَّهَا قَد تَفْقَد
فِي الْلَّحْظَة الْتَّالِيَة، الْنَّفْس الْتَّالِي، فَالأَمْر لَا يَحْتَمِل الْتَّأَخِيْر وَلَا الْتَّأْجِيْل، أَنْت وَأَنَا بَيْن
الْفَوْز الْأَكْبَر وَالْخَسَارَة الْأَكْبَر وَبَيْنَهُمَا قَد يُفْصَل تُوَجَّه فِي الْقَلْب بِصِدْق لَا يُضَيِّعَه الْلَّه لَنَا،
وَرَبِّنَا كَرِيْم وَلَكِن أَخْشَى أَن نَكُوْن مِمَّن يُضَيِّعُوْن عَلَى أَنْفُسِهِم هَذَا الْكَرْم.
قَال الرَّبِيْع بْن خُثَيْم: (مَرَرْت بِمَكْتَب فَرَأَيْت صَبِيا يَبْكِي فَقُلْت لَه: لَم تَبْك؟ فَقَال غَدَا الْخَمِيْس
أَحْتَاج أَن أَعْرِض عَلَى الْمُعَلِّم، وَلَسْت أَحْفَظ، فَقُلْت كَيْف بِي اذَا كَان يَوْم الْقِيَامَة وَأحَاسِب
عَلَى مَا أَسْلَفْت).فَذَلِك خَمِيْسِه مَّعْلُوْم وَنَحْن خَمَيْسَنا مَجْهُوْل، وَلَيْس كُل مَا نُؤَجِّلُه نُدْرِكُه،
بَل كَثِيْرا مَا نُغَادِر وَنَتْرُكَه.
أَمَّا تَأْجِيْل الْتَّوْبَة وَالْهِمَّة عَلَى الْعَمَل الْصَّالِح فَهُو يَقُوْم عَلَى وَهَمَّيْن خَطِيْرَيْن وَسُوْء أَدَب،
فَالَوَهُم الْأُوَل أَن الْمَوُت قَد لَا يُمْهِل الْعَبْد حَتَّى يَتُوْب وَحَتَّى يُبَادِر إِلَى
الْأَعْمَال الْصَّالِحَة وَيَجْنِي مِنْهَا مَا يَلِيْق بِالَّلِّقَاء مَع الْلَّه عَز وَجَل، وَلَو عَلِم الْمَرْء كَم يُضِيْع
مَع مُرْوَر أَيَّام عُمْرُه دُوْن إِقْبَال عَلَى الْلَّه عَز وَجَل لَمَّا أَجَل يَوْما وَلَا سَاعَة، وَالْثَّانِي أَن مَن
يُؤَجِّل يَفْتَرِض أَنَّه سَيَكُوْن فِي الْغَد أَقْرَب إِلَى الْلَّه مِن الْيَوْم، مَع أَن الْإِمْعَان فِي الْبُعْد
لَا يُوَرَّث إِلَا بُعْدَا، وَقَسْوَة فِي الْقَلْب وَجُرْأَة عَلَى الْلَّه، وَان كُنْت الْيَوْم مِمّن تُفَكِّر بِالْتَّوْبَة وتؤَجَلَهَا
فَقَد يَأْتِك يَوْم تَسْتَبَعْدَهَا وَلَا تَخْطُر عَلَى بَالِك، فَاعْلَم أَنَّهَا خُطُوَات الْشَّيْطَان عَلَى طَرِيْق يُبْعِدُك
يَوْمَا بَعْد يَوْم وَسَاعَة بَعْد سَاعَة عَن نَجَاتِك وْفَوْزَك، وَأَمَّا سُوَء الْأَدَب فَهُو أَنَّك تُرِيْد الْجَمْع بَيْن مَفَاسِد
الْدُّنْيَا وَالْنَّجَاة فِي الْآَخِرَة طَامِعَا بِكَرَم الْكَرِيْم وَحُلُم الْحَلِيْم، فَهَل يَسْتَحِق مَا أَنْت فِيْه أَن تُسِيْء
الْأَدَب مَع مِن خَلْقِك وَسِوَاك وَأَكْرَمَك بِإِمْكَان الْإِقْبَال عَلَيْه وَالانْتِسَاب لَه وَالْفَوْز فِي الْدَّارَيْن؟!
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
.
.
.
جزااكك الله خيييييير
__________________________________________________ __________
الله يتوب علينا ونسال الله الثبات حتى الممات
جـــزاكِ الله خيـــــر
وشـكــ وبارك الله فيك ـــرا لكِ ... لك مني أجمل تحية .
__________________________________________________ __________
مشكورة غاليتي والعذر منك
مكرر ياالغلا مع احترامي
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________