عنوان الموضوع : متحجبات مع أهل غير ملتزمين
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
متحجبات مع أهل غير ملتزمين
متحجبات مع أهل غير ملتزمين:
سئل فضيلة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن مشكلة المتحجبات مع الأهل غير المتدينين، فأجاب:
أقر أني أعجز عن الجواب الشافي الوافي.
إننا نعيش هنا في عهد من عهود الانتقال الذي مرَّت بمثله البلاد العربية كلها، بل لقد مرَّت بمثله أكثر أمم الأرض.
المسلمون في صدر الدولة العباسية لما اختلطوا بالفرس، اصطدمت عاداتهم بالعادات التي ورثوها عن أجدادهم من العرب.
والرومان لما فتحوا بلاد اليونان فعاشروهم أثَّروا فيهم وتأثَّروا بأفكارهم وبعلومهم وبعاداتهم.
في مثل هذه المرحلة يكون في الحياة لونان مختلفان يمشيان معاً، حتى لتجد بين الأب وولده وبين الأم وبنتها تبايناً ظاهراً في الأفكار وفي العادات، بل وفي فرش غرفة كل منهما، وفي أسلوبهما في كلامهما..
فما الذي تعمله البنت في هذه الحال؟..
إن لذلك علاجاً مؤقتاً ربما قدرت عليه البنت، أما العلاج الدائم فهو بيد أرباب الفكر وأصحاب الأقلام، ومن بيدهم زمام الإعلام من خطباء المنابر ومعلمي المدرسة، والذين يكتبون في الصحف والمجلات، لأن الأمر يحتاج إلى تنبيه عام. وهذا لا يقدر عليه إلا هؤلاء.
أما الذي تقدر عليه البنت فهو أن لا تكشف عما أمرها الله بستره، لا أن تبقى بالعباءة والخمار، (كما تخرج إلى الشارع) طوال النهار، فليس هذا من المألوف، ويصعب أن تكون بين أعضاء الأسرة وهن بثياب البيت، وهي بهذا اللباس، وفي تكليفها هذا (وإن كان هو الحق) تحميل لها ما لا طاقة لها به.
ولكن تلبس اللباس المألوف المعروف، الذي لا يكشف عن الصدر ولا عن الساق ولا عن الشعر.
بل لو جاء الصيف لوجب عليها أن تبقى عليه، ولا يحتاج هذا منها إلا إلى موقف حازم مؤدب، تَقِفُهُ مرة واحدة. أي: أنها تبين لأهلها أنها مسلمة، وأن على المسلم أن يقف عند حدود الله فلا يتعداها، فإذا ألف ذلك منها، واشتهر عنها، لم يعد ينتقدها به أحد، واعتبروه أمراً عادياً.
وإن اشتدَّ عليها حرّ الصيف فلتذكر أن نار جهنم أشد حراً.
وأن تبتعد ما أمكن عن هذه المجالس المشتركة التي لا تخلو من محرم.
وتستطيع أن تتخذ لذلك سبباً مقبولاً عند أبويها، وعذراً تعتذر به، إلى أن تستطيع أن تجاهرهم بأنه حكم الإسلام.
ـ هذه هي أدنـى الدرجـات: أن تبتعد هـي عن المحرم الظاهـر الحرمة.
الدرجة التي فوقها أن تبين لأهلها بالأسلوب المناسب سبب سلوكها هذا. على أن تدرس طبائعهم وتعرف المقدار الذي يحتملونه منها، ولا يستثقلونه لئلا ينفروا من سماعه.
ولتذكر أن في كل نفس من نفوس أهلها ـ لا سيما النساء ـ ذخيرة من الإيمان.
الإيمان موجود في القلب ولكنه قد يتغطى أحياناً ببعض الشهوات، وبعض العادات المخالفة للشرع، وبعض المطامع والرغبات.. إنه موجود ولكنه مستور مغطى.
ومن عجائب اللغة العربية أن هذا هو معنى الكافر، فالكافر هو الساتر.
الإيمان موجود في القلب ولكنه مغطى، فإذا كشف عنه بالحكمة والموعظة الحسنة، أو جاءت هزة قوية فإنه يظهر ويعود صاحبه مؤمناً.
إذا كان المسافرون في الطائرة، وبدأت تضطرب في الجو، وأعلن قائدها أن خللاً طرأ عليها، وأنها لم تعد تستطع الطيران، وأنها ستسقط من الجو، وأن عليهم أن يتخذوا حزام النجاة، وأن يقفزوا بالمظلة..
في هذه اللحظة يرجعون جميعاً مؤمنين، لأن هذه الرجة ألقت الغطاء عن الإيمان الذي كان مغطى في نفوسهم فعادوا مؤمنين ـ ولقد وجدت بالتجربة أن المرأة التي تمشي حاسرة سافرة، حتى التي تكشف عن سـاقيها، لما كانت موضة اللباس القصير (الميني جوب).. هذه الفتاة ما ذهب الإيمان من نفسـها، ولكنها تحتـاج إلى مـن يوقظـه بالأسـلوب المناسب.
إنه مثل النار التي انطفأت ولم يبقَ منها إلا جمرة صغيرة، وأردنا أن نعيد إضرامها فما الذي نصنعه بها؟..
إذا وضعنا إلى جنبها الحطب الكبار لم تشتعل، وإن نفخناها نفخة قوية ربما طارت فنزلت رماداً، وإن نفخناها نفخة ضعيفة لم تؤثر فيها. فينبغي إذن أن نضع حولها شيئاً من الورق، أو من القش، أو بعض المواد السريعة الاشتعال، ثم ننفخ عليها بحكمة.
أي أننا نهيِّئ لها الجو المناسب، وندعوها بالأسلوب المناسب.
فهذه البنت بدل أن تتأثر هي بهذا الوسط البعيد بعض البعد عن الإسلام، تستطيع هي أن تردّ أهله إلى طريق الإسلام.
إن كانت أمها على شيء من الصلاح والاستعداد لرضا الله، انفردت بها وشرحت ذلك لها، لا تعمل من نفسها معلمة لأمها، ولا تكلمها من فوق، كما تكلم المدرِّسة تلميذاتها، فإن الأم مهما بلغتْ بنتُها من العلم ومن المعرفة، لا تحتمل ذلك منها، لأنها لم تنسَ أنها هي التي ولدتْها، وأنها كانت طفلة بين يديها تنظفها، وتزيل الأوضار عنها وتلفها، فلا تقبل منها أن تكون معلمة لها.
بل بالأسلوب المهذب الذي يناسب طبيعة الأم، والذي يثير حنانها ويهيج عاطفتها، وفي نفس كل أم عاطفة على بنتها، كما أن في نفسها استعداداً للرجوع لما يرضي الله.
ـ وإن كان أبوها صالحاً، ولكنه ضعيف كما هي الحال في كثير من الاباء، خلت به فشدَّت من أزره، وقوَّت من عزيمته، وأفهمته ـ ضمناً ـ أنها معه.
أما إخوتها الصغار وأخواتها فتمتلك قلوبهم بالهدايا والعطايا بمقدار ما تستطيعه وتقدر عليه، وتعلمهم الحق بالأسلوب الذي يفهمونه لا بمحاضرة ولا درس، ولا بجرعة واحدة في ساعة واحدة..
فالدواء يعطى منه كل يوم ثلاثة أقراص مثلاً، فلو أخذ المريض العلبة كلها في يوم واحد، وهي معدّة لأسبوع كامل، ربما حملته إلى القبر بدلاً من أن توصله إلى الشفاء.
والمقدار الذي يعطى للطفل من الدواء غير الذي يعطاه الكبير البالغ. فإذا جعلت الصغار في صفها، وعلَّمتهم حبها وطاعتها لم تمضِ سنوات حتى يصيروا كلهم مثلها. ـ وهذه كلها نصائح عامة ليست كالثوب الجاهز الذي يُشترى من البياع لتلبسه السمينة والهزيلة، والقصيرة والطويلة فيصلح لهنّ جميعاً.
فما وجد مثل هذا الثوب، ولا أستطيع أنا أن أعطيها تفصيل خطة تطبقها كل بنت مهما اختلفت حال أبيها، ومهما اختلف وضع أمها. لا أعطيها ثوباً جاهزاً، ولكن أدفع إليها القماش، وأعلمها طريقة التفصيل والخياطة وعليها هي أن تُلبس كل حالة لبوسها.
والخلاصة أن عليها:
أ ـ أن لا تعمل عملاً محرّماً قطعاً مخالفاً للشرع، وأن لا توافق على الاشتراك به، مهما كانت الأحوال ومهما كانت النتائج.
ب ـ أن يكون نصحها وشرح موقفها بالحكمة والموعظة الحسنة، أي أنها لا تخالف أمر الله. ولا تجاهر أباها وأمها بالعصيان. ولا تواجه أسرتها بالعداوة والخصام.
ج ـ وأن تفتش عمن هو مثلها من قريباتها، ومن نساء أسرتها، ليكن عوناً لها على سلوكها، وعلى ما تحاول الوصول إليه من هداية أهلها.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
سبحان الله عدد خلقه زنة عرشه رضا نفسه مداد كلماته
__________________________________________________ __________
جزاكـ الله كل خير
بإنتظار جديدكـ
__________________________________________________ __________
شكرا غاليتي اسعدني مرورك بارك الله فيكي
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________