عنوان الموضوع : حسام حارس دار الأيتام
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
حسام حارس دار الأيتام
حسام حارس الأيتام
حنان العبدالعزيز
ناولني أغراضي من السيارة والتي جلبتها في زيارتنا السنوية لتفقد أطفال دار الرعاية الأيتام وعمل نشاط ترفيهي عنهم مع زميلاتي عضوات الجمعية ،كنت أحمل الأكياس الثقيلة بعناء إلى الداخل فقد سهرت البارحة في تغليف هدايا الأطفال وتزيينها وملأتها بحرص فقال في هدوء رافعا رأسه إلي بإشفاق الناصح : لا تحملي الاكياس لوحدك ، هناك العديد من الخادمات هذا هو عملهن ثم أردف جملته بكلمة وأنا أخوك!
نظرت إليه حائرة فطالعني وجه حزين كسيف مملوء بالقهر والكبت والهالات السوداء المحدقة بالعينين، كانت نظراته جد بريئة وطاهرة ،أحسست بالأمان لصوته ومظهره الذي حرص على أن يكون أنيقا إلا أن الحزن أبى إلا أن يرسم طابعه فوق مظهره وخطوطا حول فمه رغم حداثة سنه فطغى لون الشقاء على اللوحة !
مازلت واقفة مع زميلاتي لنشرف على العاملات اللاتي يحملن الأكياس حتى لا يسرقن شيئا كما حرصتنا الإدارة !
سمعته يقول في لهجة الشاكي الذي يقطر الحزن منه لأخ إحدى الزميلات :لاتخش شيئا على أختك الزائرة00 أنا هنا لا أبرح الباب ولا الدار لا ليلا ولانهارا ،بل وحتى في العطل ستجدني!
(حنان عبدالعزيز)
حينما رأيتهن يحملن الهدايا نحو الأطفال الأيتام الذين لايزورهم أحد خلا يوم أو يومين في السنة ولا يخرجون سوى مرة أو مرتين في العام للنزهة، فمن سيزور أطفال لقطاء ويتذكرهم في خضم المشغوليات والمسئوليات وتأدية الواجبات نحو الأقارب، تذكرت فرحتي بمن يزورني الدار ويحمل الهدايا أو الحلوى حين كنت طفلا في ذات هذه الدار لرعاية الأيتام أو اللقطاء، وتذكرت حزني حينما يغادروننا بلا رجعة لتكون زيارتهم كفقاعة صابون فرحنا ببريقها لحظات ثم إختفت!
(حسام00فقط! )
حين دخلت الدار لم أشعر بالرهبة كباقي زميلاتي بل كدت أخترق الدار لأبحث عن أيتامها فقد كان لدي شوق كبير للمسح على رؤوسهم وبثهم شيئا من الحنان وبعض الهدايا البسيطة مع كلمات تحفيزية لعلها توافق ساعة إستجابة فتنغرس ثمرتها في قلوبهم ولاينسون ما أوصيهم به ليستطيعوا قطع طريق الحياة باليقين والصبر والأمل000! كنت أجول بناظري في فناء الدار أينهم ؟ آه هاهم 00
أقبلت أستاذة (طاهرة )كما عرفت بنفسها أرشدتنا إلى مكان وضع عباءاتنا وشنطنا ووجهتنا ببعض الملاحظات السريعة ، كانت الإبتسامة تملأ وجهها بسعادة واضح أن الحمل كبير عليها فعدد الأيتام كبير وهي لوحدها المشرفة الإجتماعية هناك مع بضع حاضنات ومراقبة، كانت تتقلد معطفا سميكا كساكنات القطب الشمالي المتجمد رغم إعتدال مستوى البرودة في الطقس،كانت تهز رأسها وشعرها المجعد في حرص والذي أحكمت تقييده عند أعلى الجبهة بربطة بنية ثم تركته للهواء ، لا أدري ماكم الهالة من النور التي وصلتني من خلال وجهها وعينيها وإبتسامتها 00كانت سلسة في التعامل بحق ويتمنى من يخاطبها أن يطيل الحديث معها ، لكنني أحسست برغم ذلك أنها كالقطة الصغيرة الخائفة مما حولها!
(حنان عبدالعزيز)
فتحت عيناي على صوت من أخبروني أنها أمي 00رضعت الحليب من قنينة أدخلتها في جوفي وهي تسب وتلعن وتسميني ب( الزبالة) ولا أدري لماذا إرتبطت رؤيتي لوجهي في المرآة حين كبرت بالزبالة كما كانت تقول رغم تلاؤم ملامح وجهي الأسمر؟ خلف تلك الأسوار زاهية الألوان قضيت فترة طفولتي المعذبة بين ركلات( أمي ) كما يسمونها 00حين أخطئ أو أعبر عن حزني بالقفز من الحواجز المحيطة أو حين أتعارك مع من حولي من الأطفال لأطفئ نارا تتقد في أضلاعي تريد نهرا من حنان حقيقي يطفئها0 هاهنا خلف هذه الأسوار 00كنت أجول بعجلتي حائرا لا أدري من أنا ومن هي أمي الحقيقية ومن هو أبي ؟ولماذا أنا هنا؟
تعثرت كثيرا في نطق الحروف 00بلغت الرابعة وربما الخامسة ولم يتبين بعد كلامي فلم يكن هناك من يحادثني ويعلمني الكلمات ويغني معي!00كانت (أمي ) كما يقولون تصفعني بكل ماأوتيت من قوة مرددة إننا صبية أشقياء ولا تستطيع تحمل ضوضاءنا ،تراجعت قوة السمع لدي جدا مما جعلني أتعثر أكثر في النطق
فصنفوني من فئة صعوبات التعلم وكأنهم بذلك قد إستراحوا من عناء تربية لطفل لايفهم كما يقولون 00وزبالة أيضا!
(حسام 00فقط)
(عبودي) طفل في الرابعة، كان يتجول لوحده في أروقة الدار بخجل وحيرة 00كان جميلا جدا 00أبيض الوجه وشعره أسود 00تحتضنه أحيانا أخته كما تعرف بنفسها وهي فتاة سمراء ناحلة خجولة جدا ،وكانت تطعمه بهدوء في ركن منزوي بعيد عن إعدادات زميلاتي للحفل، كنت أحاول أن أكلمه لكنه كان يهمهم بكلمات غير مفهومة يقولون أن لديه صعوبات في النطق ، كررت عليه التحية لأرى إن كان يسمع أم لا ؟كان يبدو عليه الفهم والسمع لكنه كان يزم شفتيه ويرفض الحديث ،أقبلت (جنى ) وهي طفلة في السابعة وألقت بكيس بطاطس مقلية في وجهه قائلة خذ كل! فجاءة تحول كل كل ذلك الهدوء إلى بركان غضب فقذف البطاطس في وجهها بأنفة ومضى سريعا إلى داخل المبنى!
(حنان عبدالعزيز)
يتبع
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
مضت طفولتي بائسة هنا مملة، كانوا يكررون على مسمعي أنني إبن غير شرعي بل يترجمونها إلى كلمة إبن حرام مذكرين إياي بمكان وجودي حين عثروا علي وسط النفايات ماطين شفاههم لكسر شوكتي كما يقولون وإنصياعي لأوامرهم! نخرج أحيانا للنزهة ولكن كنا كجنود نسير صفا وراء المشرفات والكل ينظر إلينا كأفراد من عالم فضائي ، كنت أجول في وجوه من حولي من الناس في النزهة، كيف يعيش هؤلاء الناس السعداء وسط أسرهم وكيف يتنزهون بحرية في المتنزهات بلا مشرفة أوأم بديلة؟
(حسام 00فقط)
لا أدري لماذا أطفال الدار ليس هناك نمط متوسط في سلوكياتهم 00فإما أن يكونوا خجولين جدا منطوين وربما أغلقوا باب غرفهم عليهم حتى لايحتكوا بالزائرات وإما أن يكونون أصحاب نشاط زائد !
عبدالله ناولته كيس الحلويات ليوزعها بين أصحابه برغم قلقي من ان يرميه في وجهي أو يصرخ في وجهي كما فعل بعض أطفال الدار حين حاولت تنفيذ نشاط تعليمي معهم00لكنه وزعه بهمة ونشاط ليعود باسما ويقول: ماإسمك؟
صدقا فرحت جدا به حين بدأ في حواري 00كان طفلا نابها ومرحا برغم المعاناة التي ترتسم آثارها المعنوية والحقيقة في وجهه المحترق أعلاه!
أحببته جدا 00كان يقول شجعيني وسأريك نشاطات رياضية صعبة 00كشقلبة 00براعة في قيادة العجلة00شجعته 00وأبدع!
(حنان عبدالعزيز)
كانت أشقى لحظات حياتي حين يزور الدار أناس مع أطفالهم فأظل أنظر وأنظر وأتخيل نفسي طفلا منهم إبنا لذلك الرجل أو تلك السيدة فأهرع للإلتصاق بهم في طفولتي فيزيحونني برفق ويبتسمون لي ثم يرحلون!لم أكن سعيد الحظ كمحمد الذي إحتضنته اسرة بديلة ،ربما لوسامته !
(حسام 00فقط)
كان كل مافي الدار حزين من أطفال إلى عاملات إلى مباني صامتة،والعجيب أنني لم أر ولا عصفورا مر فوق الدار ولا حتى قط أو قطة، وأخيرا نفذنا نشاطنا وإنتهى عملنا 00عدنا إلى منازلنا بحمد الله يملؤنا الفرح بمحاولة إدخال السرور على قلب الأيتام!
(حنان عبدالعزيز)
ذهبت تلك الفتيات بعد عمل نشاط حاولن فيه إسعاد الأطفال 00وزعن الحلوى والبالونات ونثرن الأناشيد 00
أغلق حسام باب دار الرعاية وأوصده بالمفتاح ،نظر إلى ماحوله في لامبالاة ثم إنسحب إلى غرفته في الخارج وأقفل الباب!
__________________________________________________ __________
يسلمووو حبيبتي
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
قـــــصــة رائـــــــــعــــــــة جدا...
في إنتظـــار جديدك المميز دائــــــــــمـــا ...
__________________________________________________ __________