عنوان الموضوع : رواية يوميات خادمة في الخليج قصص
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
رواية يوميات خادمة في الخليج
انقل لكم اليوم قصة رائعة جذبني عنوانها وشدني محتواها القصة بعنوان
((يوميات خادمة في الخليج ))
للمؤلف:د0 محمد التو نجي
إنها قصة الصراع,الصراع من أجل البقاء,والصراع في هذه القصة تخوضه امرأة فلبينية ذاقت الأمرين في قريتها:مر العيش في عائلة معدمة تركها ربها,ومر العيش في مزرعة صاحبها إنسان لئيم خبيث,يبيع عرضه لقاء دريهمات0 وقد استباح شرف جوانا لكي يمدها بما تحتاجه من مال ساعدها علي الذهاب إلي الكويت حيث عملت لدي عائلة ملازمة لشاب مقعد,نجحت في خدمته وكسبت ثقته وثقة أهل البيت0
كيف سارت الأمور؟ كيف تطورت؟كيف استطاعت أن تجابه الدسائس من ذوي النفوس الخبيثة؟
مجريات القصة تطلعنا علي كل ذلك وصولا إلي الغزو العراقي للكويت وأحداث أخري استطاعت جوانا أن تتخطاها إلي النهاية السعيدة0
((الفصل الأول))
كانت الأمطار غزيرة جدا هذا العام علي جزيرة((كوليون))الواقعة في أقصي الأرخبيل الفيلبيني0 وطبيعي أن تهطل الأمطار بغزارة شديدة لوقوع جزر الفيليبين قرب خط الاستواء,وسط بحر الصين الواسع,والمتصل جنوبا بالمحيط الهادي0 وجزيرة كوليون واحدة من بضعة ألاف جزيرة متفرقة, الرياح عليها من كل جانب لوقوعها في أقصي شمال البلاد0ومع أن الأمطار سخية تغرق الأرضي, وتبلل أجساد المارين,وتغمس أقدام العمال في وحول الأتربة, إلا أن العمل في حقول التبغ لا يتوقف, لان توقف العمل يعني توقف الأجر,وبالتالي يحرم العمال من الطعام هذا اليوم0لكن التبغ بهذا الطقس العنيف, والرطوبة الشديدة لا يجف0 ولهذا لايري العمال والعاملات بسمة(باولو)صاحب المزرعة التي يعملون فيها0 وهو أصلا لا يرون أسنانه الصفراء المعوجة إلا مرتين00 مرة إذا شرقت الشمس, وهذا يعني جفاف المحصول والربح00 ومرة حين يغضب إذا تواني عامل عن عمله,أو قصرت عاملة في وجبها00 والحق أن أسنانه الصفراء تبين أكثر في ساعات غضبه,لأنه بلا رحمة أو شفقة0باولو رجل في الخمسين تقريبا من عمره, قصير القامة عظيم المكبين مثل سكان جزيرته,ولكنه ضخم الرقبة,بل كان رأسه المدور
بغير نظام قد نتأ من بين كتفيه من غير امتداد0 تعلقت عيناه السوداوان الحادتان في اعلي وجهه العريض, وهو إذا احتد أو ثار احمر بياضهما,وبدا كان شررا يتطاير منهما,فيرتجف العمال هلعا,ولا سيما البنات منهم0 قوي العضلات, بإمكانه أن يرفع عاملة بين يديه,ويرميها في الوحل إذا رآها قصرت,آو تهاونت في عملها0 واشد ما يغيظه تهامس العمال فيما بينهم,لأنه كثير الشك,ويظن بعماله الظنون0 كل همه أن تسطع الشمس,ويجف المحصول من التبغ ليبحر به في سفينته الشراعية إلي جزيرة (لوزون)حيث تقع فيها العاصمة (مانيلا)00 وهناك يبع التبغ,ويغنم مالا كثيرا,يبذل بعضه علي الشراب والطرب,ومجالسة بنات الهوى اللامعات النظيفات0 وهناك يطرب,وتبين أسنانه الصفراء القذرة كلها,والصبايا يحمن حواليه طمعا بجيوبه المحشوة بالنقود,كالذباب المتساقط علي جيفة لحيوان في مكان غير مطروق0وبينما كن يحمن حوله,يداعبهن,ويغازلهن,ويتحسس أجسادهن يقول لهن:
ما أحلاكم حولي!00 ما أسعدني بكن!00 لماذا لم يخلق الرب عاملاتي نظيفات مثلكن؟
وتجيبه بعض المداعبات:حتى نراك00 ونسعد بك وبنقودك0
فيصدق الغبي,وينفجر بالضحك00 ثم يتناول قدح الخمرة ليغرق فيه0 ويظل باولو علي هذا الحال بضعة أيام في أحضان العاصمة مانيلا, ثم ينهض لينزل السوق ويملا سفينته بالمعلبات,والأطعمة المجففة,والأواني,والحبال,والأقمشة الرخيصة ليعود بها إلي جزيرته كوليون,ويبيعها إلي السكان أو العمال باغلي الاثمان00 فهو ذاهب رابح,عائد رابح00لايرتوي جشعه,ولاتهمه من الحياة سوي جمع المال0 ولا يصرف منه إلا علي مسراته في مانيلا,ولا يدفع منه إلا لعماله الذين يعملون في مزرعته0 وإذا احتاج احد العمال إلي قرض ضروري له أو لأسرته أعطاه بالربا0 وان رجته احدي العاملات أن يدفع لها اجر الأسبوع مقدما أعطاها,ولكن شريطة أن تعمل يومين مجانا0 أما إذا كانت حلوة وتستجيب له اقرضها المال من غير فائدة00 ما دام سيعبث بجسدها النحيل ساعة أو بعض الساعة0 وبما انه سيمنحها قرضا بلا فائدة فعليها أن تنتظر بعد انتهاء دوام العمل حتى يمتص منها ما يسعده0 ومهما نازعه النزق والشبق إلي مقترضة فانه لا يقبل مغازلتها وقت العمل00 لان وقت العمل مقدس,وربحه معدود عليه 0ووقف باولو بقامته العريضة وسط الحقل يصرخ بالبنات,وهن منحنيات علي الأغصان,يقطفن أوراق التبغ ويقلمنها,وقطرات المطر تضرب ظهورهن,وتنسال عبر رقابهن النحيلات إلي أكتافهن وصدورهن0 وقف يتصنع الحث علي العمل لينظر إلي صدورهن المنفتحة من الانحناء,والي أثدائهن الصغيرة كحبات النارنج الأحمر المتدلية من الاغصان00 يصرخ فيهن:
-هيا00 بلا توقف00 انتصف النهار00
وشفاهه الباهتة الغليظة تتلمظ,ويجرض بريقه كبغل يحدج اتانا00يجيل بصره بينهن,وكان يأكل واحدة منهن0 اجل00واحدة00تلك التي لم يحصل منها علي بغيته,وهي محط نظرته وغاية امنيته0 إنها (جوانا)أفقر البنات,وأعفهن ذيلا0 كانت مطأطئة برأسها علي احدي الشجيرات,والصليب النحاسي الصغير يحمي نهديها المرتجفين بردا من عيون باولو المتعطشة0 وحين أحست جوانا بعيني باولو تخترق أوراق الشجيرة,عله يلمح ما يزيد شبقه من صدرها النحيل,اخفت رأسها الصغير بين الأغصان متصنعة انشغالها بعملها,وشدت علي قميصها لتحرم نظرات باولو الشرسة من اختراق المناطق المحرمة0 ولكن باولو لم يكتف بالنظر,بل تقدم نحو جوانا,وقدماه تخبطان الوحل اللزج,فتتناثر قطرات الماء القذر حوله0كانت جوانا تحس بوقع أقدام باولو وهو يقترب منها,وكأنها حجرات تقع تباعا وسط ارض موحلة0 وكانت دقات قلبها الصغير يزداد نبضها عند كل خطوة من خطواته الثقيلة0 كانت تسترق النظر إليه من بين الأوراق,وهو يدنو منها00 فأحست بان دمها الحار اخذ يجفف شعرها الأسود الرقيق المتناثر حول وجهها الصغير0 وتسمرت في مكانها,وجمدت حركات أناملها,ولم تعد تحس بما حولها0 لكنها أدركت أن باولو واقف خلفها تماما00 فيكاد يلتصق بها,فأصابتها قشعريرة الخوف00 وسرعان ما انبجست دموعها من عينيها الصغيرتين00 لكن أحدا لم يحس بتساقط دمعها,لان قطرات الدمع امتزجت بقطرات المطر00 لحظات قصيرة,ظنتها ساعات0 وبينما كانت غارقة في بحر الوهم والرهبة سمعته يناديها بصوته الأجش:
-انت00 جوانا00 ارفعي راسك0
كان عليها أن تجيب00 انه يناديها,رب عملها والمالك لثمن لقمتها00 رفعت جوانا وجهها الصغير الأصفر وقد تلون بصباغ الخوف الأحمر,والتصقت خصلات شعرها الأسود علي طرفي وجنتيها الناتئتين00 نظرت إليه بعينين ملؤهما الدموع,وكأنها ترجوه أن يشفق عليها00 فهي تريد أن تظل بكرا00 معتزة بأنوثتها التي لأتملك غيرها,إلي يوم قدوم فتي أحلامها,وبيده شمعة مشتعلة باسم القديس بولس0نظر باولو اليها0 وأدرك ما بداخلها نحوه,فلم يستطع أن يطلب منها شيئا,فلانت نظرته الشرسة زيادة في قذارة نفسه0وسالها:
-أيلزمك شئ من مانيلا؟
جرضت جوانا بريقها الجاف,وهزت برأسها وهي تقول:
-كلا يا سيدي00 لست بحاجة إلي شئ0
أدرك باولو أن جونا صعبة المراس,وأنها تختلف كليا عن سائر زميلاتها,مع انه يعلم أنها أكثر العاملات حاجة إلي المال0 وبينما كان يتابع خبط قدميه في الأرض هزا رأسه وهو يتمتم:
-بلي ستحتاجين إلي شئ يوما00 وسأحتويك بين ذراعي00 ولن تفلتي مني0
لم تفهم جوانا ما كان يتمتم به,ولكنها أدركت مقصوده من نظراته0 وحين ابتعد عنها عادت جوانا إلي انحنائها بعد أن رفعت عن وجهها خصلات شعرها العالقة علي طرف عينها أليسري,ومسحت بساعدها النحيل عينيها0 فتلونت صفحة خدها بلون التراب العالق بيدها الناعمة0
توقف العمال عن عملهم مع بدء حلول الظلام,مع أن الشمس لم تكن مشرقة هذا اليوم,لان عملهم اليومي ينتهي قبيل الغروب عادة0
انصرفت البنات زرافات,متجهات نحو منازلهن الخشبية0 وكن يضحكن بسذاجة,وهن يعدن بعض ما جري معهن0 ولا سيما أسنان باولو الصفراء,وهو يصرخ بهن0 والعمال الشباب يتقدمونهن بخطوات اسرع00 ولعلهم يعلقون علي الموضوع نفسه0
أما جوانا00 فكانت تسير برفقة البنات ساهمة,وعلي عينيها شبه غشاوة00 لاتتكلم00 بل تسمع مايدور من حديث بين البنات0 ولكنها تشاركهن بالضحك بفتح فمها الصغير,وتحريك شفتيها الرقيقتين الزرقاوين بردا وامتعاضا من نظرات باولو00 وهي تدرك ما يخبئه القدر علي يديه00 ولكنها صابرة0
جوانا00 فتاة علي عتبات العشرين من عمرها,عمر نضج الشباب,نحيلة جدا من الإجهاد في العمل والتفكير بوضعها المحرج,وبحال أسرتها الفقيرة00 وراحت تفكر بطريقة تخلصها من كابوس باولو0 ومع أنها صغيرة الجسم,إلا أن ملامحها دقيقة,ناعمة,جذابة,وقذارة ثيابها تغطي جسدا بضا00 هي أشبه بتفاحة صفراء ناضجة مغبرة0 شعرها اسود مسترسل إلي نصف ظهرها,وخصرها في غاية النحول كان الله خلقها من غير معدة ولا احشاء0 وانفها دقيق جدا من الاعلي بحيث لا يكاد يبرز في وجهها,لولا بروز أرنبتيه المنتشرتين فوق شفتين رقيقتين تنضحان شبابا,فكان أرنبتي انفها فراشة صفراء حطت علي برعم زهرة حمراء0
لا تحب جوانا الكلام الكثير00 هذا طبعها0 ولكنها تميل إلي الإصغاء,وتشعر بسرور كبير حين تسمع ما يجري حولها0 وهي حادة المزاج,صارمة الري,عنيفة العزيمة00 إذا صممت علي شئ نفذته من غير استشارة0 وهي إن رفضت أمرا لا تتراجع عنه وان أحست بخطئها,ولا يجرؤ احد-أيا كان-علي اقناعها00 وهذه صفة ذوي الذكاء المتوقد00 وأنها لذلك تحب المطالعة ولا سيما اللغة الانكليزية00 هذه دأبها في ساعات فراغها0
وحين دنت مجموعة البنات من المساكن بدان يتفرقن,الواحدة تلو ألا خري,متجهات نحو منازلهن00 ولم تحس جوانا إلا وهي وحدها تتجه نحو منزلها00 وآي منزل هذا؟ثلاثة جدران من خشب عتيق مصفح بالتوتياء ليمنع تسرب مياه الأمطار والرياح إلي الداخله0 أما الجدار الرابع فنصفه باب لا حاجة إلي إغلاقه لعدم وجود شئ ذي قيمة خلفه,ونصفه ألواح خشبية متفرقة00 ولكنهم يغلقون الباب في أيام المطر,كما هو مغلق اليوم0 وفي مقابل الباب نافذة وحيدة تكسر بعض زجاجها,فلصقت جوانا مكان الزجاج بعض الصور الكرتونية التي تلقاها في الطريق00 ومن هذه النافذة يدخل النور,وتخرج روائح الرز المطبوخ وأجساد النائمين0 سارت جوانا بخطى متباطئة علي غير عادتها00 أنها تعرف ماينتظرها00 ثلاثة أفواه فاغرة00 أمها وأختاها الصغيرتان00 ولها أخت رابعة هي في سن الخامسة عشرة من عمرها تدعي (بلما)تعمل في مشغل القنب حينا,وبحقول قصب السكر حينا مع صغر سنها وضالة جسمها0
عليها حين تدخل منزلها أن تطبخ الرز,وتطعم أختيها الصغيرتين,وتغسل الاطباق0 ثم تستلقي علي الفراش محشو بالقش,وتلتصق بها إحدى أختيها الصغيرتين0
أما ابوها00 فإنها تتذكر انه كان متطوعا في حركة تنصير الجنوب00 لا تتذكر انه ذهب إلي الكنيسة يوما,ولا حضر قداسا في أي يوم من أيام الاحد00 ولكن الحاجة إلي القوت دفعته إلي التطوع في عملية التنصير كي يجني من عمله هذا مالا00 فقد علموهم أن واجبهم قتل أو تنصير المسلمين0 وتتذكر ا ن أباها كان يزورهم مرة كل اسبوعين00 وكانت تحس بان بطن أمها الوسخ ينتفخ شيئا فشيئا اثر زيارات أبيها المتقطعة00 ولكنه منذ بضع سنوات ذهب ولم يعد00 ذهب من غير إن يرى ما حملته أمها منه لدى أخر زيارة0 ولما كانت كبري أخواتها كان عليها أن تعمل كي تسد الأفواه الجائعة قبل أن يسدها الموت0 ولما كان أجرها لا يكفي لإطعام الأربعة, فقد طلبت من أختها بلما أن تعمل كي تشاركها في إعالة أسرتها المحرومة من أي ذكر يعمل0 تذكر جوانا أنها رجت باولو رب عملها كثيرا أن يوافق علي أن تعمل أختها معها إلا انه رفض00 لا تعلم لماذا رفض00 ربما لصغر سن بلما,وربما لأنه لا يريد أن تبقي معها أختها لأمر يضمره في نفسه الخبيثة00 كل الذي تتذكره انه قال:
-أنها لا تحسن الإنتاج الجيد لصغر سنها0
لا يهم,فليفكر باولو بما يشاء,وليقل ما يريد00 المهم أنها استطاعت أن تقابل في احد أيام الأحد صاحب مشغل القنب,وان ترجوه بان يقبل أختها عاملة عنده0 وقد وافق صاحب المشغل شريطة أن يدفع لها النصف اجر لصغر سنها,ووعدها انه حين يراها قد قوي عودها أن يضاعف اجرها00 وهذا ما حصل بعد مرور عام واحد0 منذ سنوات وجوانا تعمل عند هذا الرجل الجلف,وشاهدت بأم عينيها تصرفه المشين مع بعض الفتيات00 وتذكر تماما يوما أن احدي رفيقاتها كلمته بضع كلمات أثناء العمل فتبسم لها حتي بانت نواجذه,وطبطب علي كتفيها00 ورقبتها لتري أنها لم تنصرف معهن أثناء ذاك اليوم00 بل لاحظت أنها تبعت باولو إلي عشه القصبي الذي يجلس فيه احيانا00وتعمدت جوانا ذلك اليوم أن تبقي غير بعيد عن العش لتسمع أو تشاهد ما يجري بينهما00 ليس لأنها فضولية, بل لأنها تخشي ا ن يأتي دورها يوما ويقودها إلي ذلك العش0 ومع أنها لم تدرك بوضوح ماذا يريد مثل هذا الرجل من هذه الفتاة,إلا أنها تتذكر تحرك خشب أرضية منزلهم في ليلة زيارة أبيها إليهم,ونومه مع امها00 مما ينتج عن انتفاخ بطن امها0 كانت جوانا تسمع الفتاة تصرخ وتستغيث وترجو00 ويختلط صوت استغاثتها ورجائها بأصوات باولو الحيوانية,المزيج من السرور والغضب00 وتصورت جوانا لمعان أسنانه في تلك الساعة المظلمة00 ما لبثت ان تسللت بتؤدة وخفة00 هاربة من المشهد السمعي المرعب0 كل هذه الذكريات توالت علي مخيلتها وهي متجهة نحو منزلها00 ولم تشعر بتوقف الأمطار مع تعاقب ذكرياتها التي تأتيها غالبا في مثل هذه الساعة0 ولما تنبهت إلي نفسها أحست بان ثيابها جففت قليلا,وبان بعض خصلات شعرها تتطاير علي كتفيها وفوق إذنيها, كمهر يقفز فرحا وسط المروج الخضر00 فأنعشتها نسائم الغروب الباردة, وجددت من نشاطها, فحثت المسير نحو منزلها0 هاهي ذي تدنو من المنزل00 بقايا منزل00 فتوقفت تنظر إليه وتتفحصه00 لقد كثرت الشقوق فيه, حتى أنها استطاعت أن تري من خلال الشقوق أمها العجوز جالسة في زاويتها, مستندة إلي الجدار, وأختاها الصغيرتان مرتميتان أمامها علي ارض المنزل, تداعب الواحدة الاخري0 لا بد أن تبحث عن بعض الصفائح المعدنية أو الصور الكرتونية لتسد بها هذه الشقوق00 خوفا علي أهلها من هبوب الرياح00 وخشية أن يري المارون جسدها إذا ما تعرت لأمر ما00 وسرعان ما همت بالدخول, فقد لمحت أختها بلما قد سبقتها بالعودة0 أسرعت بالدخول خوفا من أن يكون رب عمل أختها قد طردها00 وإذا حصل فسيزداد العبء عليها0 دفعت الباب ببساطة, فانفتح عن أخره لتخاطب أختها وهي قلقة, وقبل أن تغلق الباب:
-لماذا عدت اليوم مبكرة يابلما؟
لكن أختها استقبلتها ببسمة حلوة بريئة وأجابتها:
-لاشي00 لقد منحنا السيد اليوم ساعتين راحة0
-جميعكم؟
-اجل00 جميعنا0
هكذا إجابتها وما زالت البسمة عالقة علي شفتيها0 وسألتها جوانا:
-ولماذا؟اخشى00
فقاطعتها ضاحكة:
-لا تخافي ياجوانا00 لم يطردني السيد من عملي00 كما لم انصرف وحدي0
-وما المناسبة؟
-المناسبة؟المناسبة يا أختي العزيزة أن زوجته ولدت غلاما00وحين جاءه النبأ منح كل واحد من العمال كيلا من الأرز وصرفنا0
حين علمت جوانا بالأمر هدأت قليلا, وسكن روعها, وارتمت علي الأرض إلي جانب أمها تشكر الله00 وتقارن بين رب عملها ورب عمل اختها0 وبعد أن خلعت حذاءها البالي المرطب عادت إلي سؤال أختها:
-وأين الأرز؟
-انه جاهز0
-جاهز؟ماذا تعنين؟
-اعني أنني طبخته00 ونحن بانتظارك للعشاء0
سرت جوانا لهذا الخبر السعيد00 فقد وفرت عليها ثمن وجبة العشاء, وعناء طبخه00 وهي اليوم مرهقة نفسيا00 مما حملته معها من ذكريات مؤلمة من جشع باولو ونظراته الشرسة نحوها0
وهكذا أمضت جوانا ليلة فيها الكثير من الراحة00 وتمددت علي فراشها, وغرقت في نوم عميق
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
shooKraaan
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________