عنوان الموضوع : الحجاب يتحدى
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
الحجاب يتحدى
الحجاب يتحدى
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [ سورة الأحزاب: 59 ].
تمهيد :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
قال الله عز وجل وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ... سورة النور آية 31
وقال عز وجل يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا سورة الأحزاب آية : 59
لقد كانت فريضة الحجاب فريضة محكمة أراد الله عز وجل من خلالها أن يحفظ للمرأة كرامتها من الامتهان ، وعرضها من الابتذال ، وذلك بسترها لجسدها ومفاتنها ، حتى تتمكن من القيام برسالتها الإنسانية إلى جانب الرجل وتكف طرفه عنها لكي لا يطمع في شرفها من كان في قلبه مرض فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا سورة الأحزاب آية : 32
إن الآيات الكريمة السابقة نسيج واحد يحتوي على مجموعة من الوصايا التي تكرم المرأة ، وتهيئها لحمل رسالتها كإنسان مكمل لنصفها الآخر : الرجل .
- فلتغضض من بصرها كما أُمر الرجل .
- ولتحفظ فرجها مثلها مثل الرجل .
ثم تتميز المرأة تبعاً لتكوينها الذي خلقها الله عز وجل فيه ووظيفتها التي أناطها الله عز وجل بها ببعض الأوامر والوصايا :
- فلا تبدي زينتها إلا لمن سمّاهم الخالق عز وجل .
- وتضرب بخمارها على رأسها وعنقها وصدرها .
- وتحرص على أن حالها مبني على الستر دائماً فتدني على جسدها جلباب اللباس والقماش وعلى نفسها وكرامتها جلباب الحياء والفضيلة .
- وتجدّ في لهجتها وحديثها ، وتخفض من صوتها وضحكها ، وتختار الكلمة المناسبة مع المقام المناسب بحسب الحال والمآل حتى لا يطمع بها مرضى القلوب .
وحين تتحقق المرأة بهذه الوصايا فلا عليها أن تكون عنصراً فاعلاً في الحضارة إلى جانب الرجل تشاركه في محافل العلم والعمل والجهاد والتربية والدعوة ولم يمنعها حجابها من كل ذلك ولم يعق حركتها ولم يعرقل مسيرتها .
المطلب الأول - العلمانية والحجاب :
لم تنظر العلمانية إلى قضية الحجاب على أنها قضية شخصية يسري عليها الحق الفردي في الاختيار والإرادة، وذلك لأنها مسألة ذات أبعاد دينية، بل أقول لأنها ذات أبعاد إسلامية بالدرجة الأولى ، وهكذا فإن الغرب باعتباره هو الذي يسوق قطار الحضارة اليوم وقف موقفاً سلبياً من الحجاب لأنه أصبح رمزاً لأعتى عدوٍّ صنعه الغرب لنفسه وهو الإسلام. فتحولت مسألة الحجاب إلى مسألة سياسية خاضعة لرهانات القوة والتفوق .
ومضى جيل التلاميذ المدللين يردد المقولات الغربية بشأن الحجاب ، ويَعدُّ كل باحثٍ يُسهم في نزع الحجاب باحثاً تنويرياً تُكال له المدائح ، وتُعقَد له الندوات ( ) ،حتى ولو تميز هذا الباحث بشيءٍ من الإنصاف والرزانة فإن الأنشطة العلمانية كفيلة بتحويله إلى رمز للتنوير والحداثة حتى ولو لم يرغب هو بذلك ، وأقصد هنا قاسم أمين كمثال فلم أجـد في كتبه الثـلاثة المشهـورة " المصريون " وتحرير المرأة " و " المرأة الجديدة " ما يدعو المرأة إلى الانسلاخ من تعاليم الشريعة أو اعتبار أحكام الشريعة الخاصة بها أحكاماً تاريخية ، كل ما دعا إليه أن تنزع المرأة عن وجهها النقاب ، ولم يطلب أكثر من ذلك ، لأن النقاب بنظره يسبب للمرأة حرجاً وعائقاً في حياتها العملية ( ).
ولكن هذا لا يعني أننا ننفي ما في مؤلفيه الأخيرين " تحرير المرأة " و " المرأة الجديدة " من نزعة بارزة إلى التغرب والتأورب ( ) ، والاختلاط بين الجنسين ، ولكن الرجل ظل يؤكد على مرجعيته الإسلامية والقرآنية ، وظل يؤكد على أن الحجاب الذي يطالب برفعه هو غطاء الوجه فقط ( ) ، وأن الاختلاط الذي يريده هو في حدود ما تسمح به الشريعة ( ) ، وذلك انطلاقاً من مبدأ يؤمن به وهو أن التربية ممارسة عملية حياتية قبل أن تكون ممارسة علمية كتبية ( ) . وأن الدين أساس التربية ( ) . ولكن الطابور العلماني في بلادنا استطاع أن يحوّل قاسم أمين إلى رمز لتحلل المرأة من الشريعة عبر تاريخ طويل من التزوير والتحوير ، وبظني لو كان الرجل حيّاً لتبرأ من كل هذه الإلصاقات العلمانية .
وتتخذ الهجمة على الحجاب طرائق مختلفة، فمرة بطريقة ساذجة كما تحدث عبد العزيز الثعالبي 1874 – 1944م حين قصر الآيات التي تتحدث عن الحجاب على نساء النبي ( )، واعتبر ستر الوجه عادة فارسية تسربت إلى المجتمع الإسلامي ( ) وهو في هذا القول يردد المقولات الشائعة عند الغربيين عن الحجاب الإسلامي( ) . وأن نزع الحجاب ما هو إلا إعادة للمجتمع إلى المجتمع المتحضر الذي كان في عهد النبي والذي هو مثيل للمجتمع الأوربي المعاصر ( ) . ومرة ثانيةً بطريقة فاشية استفزازية تتجاوز حدود اللياقة والأدب كما تحدث الطاهر الحداد عندما يقول : "" ما أشبه ما تضع المرأة من النقاب على وجهها منعاً للفجور بما يوضع من الكمامة على فم الكلاب كي لا تعض المارين ، وما أقبح ما نوحي به إلى قلب الفتاة وضميرها إذ نعلن اتهامها وعدم الثقة إلا في الحواجز المادية التي نقيمها عليها ""( ) .
ويضيف : "" كلما فكرت في أمر الحجاب لا أرى فيه إلا أنه أنانيتنا المحجبة بالشعور الديني كحصن نعتز به على المخالفين "" ( ) .
وهكذا حتى نبدو كمتحضرين يجب علينا أن نُعرض عن كتاب ربنا وآياته البينات ، ونصوصه المحكمات ، ونقوم بتحريف المعاني ، وقلب الحقائق ، فنجعل من الحجاب تخلفاً وأنانية ، وتشكيكاً وعنصرية ، ونتجاهل الأوامر الربانية ، والوصايا النبوية، كل ذلك من أجل أن يرضى عنا الغرب ، ونحظى لديه بالقبول، فقد أصبح المجتمع الأوربي المعاصر هو المثل الأعلى الذي علينا أن نترسم خطاه !.
وقد أدرك الغرب أن حجاب المرأة المسلمة – المسلمة فقط - رمز للتحدي يشكل خطراً على إيديولوجيته العلمانية ولذلك قرر منع الحجاب . فشعاراته البراقة ، وشعارات الثورة العلمانية كلها ركلت بالأقدام في سبيل منع الحجاب وبدا للناس جميعاً حقيقة طالما خفيت عليهم وهي أن شعارات الحرية والديمقراطية إنما هي مجرد أوهام وأحلام خدعوا بها .
سألت أستاذاً علمانياً ينسب نفسه إلى الفلسفة لماذا منعت الدولةُ التي ترفع لواء العلمانية المرأةَ المسلمة من حجابها ؟! فقال لي : - ولعله يسترضيني – هذا في الحقيقة شرخ كبير في العلمانية كان عليها أن لا تقع فيه، ولكن العلمانية تصحح أخطاءها ومساراتها دائماً. فقلت : إن هذا الشرخ ليس في المظهر ، ولا في كونه مجرد نزوة عابرة ، أو خطأ في الممارسة وإنما هو نتاج للخلل في الأساس العلماني ، وهو شرخ في القاعدة الفلسفية التي تقف عليها ظاهرة العلمانية .
لقد صدع العلمانيون رؤوسنا في التنكيل بالأنظمة المستبدة ، والتغني بالحرية والمساواة والديمقراطية ونحن معهم في ذلك . كما تحدثوا عن الفاروق عمر على أنه " المستبد العادل " أي أنه الخليفة الذي يمتلك كل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وهو بنظرهم اتجاه لم يعد صالحاً لهذا العصر ، والبديل له بنظرهم دولة المؤسسات العلمانية التي لا سلطان لأحد عليها إلا للعدالة .
والسؤال الآن : إذن لماذا ضاق الغرب ذرعاً بحجاب المرأة المسلمة فكشر عن أنيابه وأصدر قراراً بمنعه ؟ كيف استطاع أن يفعل ذلك ما دامت المؤسسات العلمانية القانونية هي التي تحكم ولا سلطان لأحد عليها ؟
أليس هذا القرار من أحط ألوان الاستبداد ، ولا يمكن تصنيفه إلا في مخلفات القرون الوسطى المظلمة ؟! .
لم تنج إذن العلمانية من الاستبداد ، والاستبداد الظالم ، فإذا كان لا مناص من الاستبداد إذن فأن يكون استبداداً عادلاً خيرٌ لنا ، فعادت الحاجة ماسة إلى مثل الفاروق عمر رضي الله عنه .
الإشكالية هنا : أن الإنسان هو الذي يحكم ، وهو الذي يسيّر المؤسسات وهو الذي يسن القوانين ، وهو الذي يفسرها ويؤولها وهو الذي ينفذها ، فما أسهل عليه أن يوظف ذلك كله لخدمة مصالحه ومنافعه ، وخصوصاً في هذا العصر الذي يلعب الإعلام والدعاية دوراً بارزاً في غسل الأدمغة ، وترويج الأفكار ، وتغليب بعضها على بعض بحسب الحال والظرف والمصلحة .
ومن هنا فالشعارات العلمانية الرائجة اليوم مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان هي شعارات ظرفية تخدم الإنسان الأقوى – الإنسان الأبيض – وتوظف الآخرين لخدمته وفي الوقت الذي تصبح خطراً عليه تداس بالأقدام وتُركل بالنعال، وظاهرة الحجاب مثال على ذلك.
ولذا فالقول إن العلمانية وقعت في خطأ – مجرد خطأ – حين منعت المرأة المسلمة من حجابها هو محاولة للخروج من عنق الزجاجة ، لأن الممارسة العلمانية محكومة بشيئين هما :
- الإنسان وطغيانه الممكن، بل الغالب .
- النفعية البراجماتية ، والأثرة الظاهرة في السلوك الإنساني أفراداً ودولاً وجماعات . وفي هذه الحالة فالقضية ليست مجرد خطأ وإنما انهيار في البنيان العلماني من أساسه.
العلمانية لها قيمها المعلنة ، والأديان كذلك ، وإذا كانت الأديان تعد من يخرج عن عقائدها كافراً ، فإن العلمانية كذلك تحكم عليه بالنفي والإقصاء أو التخلف والرجعية أو الإرهاب ، فالعلمانية في هذه الحالة تتحول إلى دين علماني له قيمه وأصوله ورجاله بل وطقوسه أيضاً . والقول بأن العلمانية لا تنظر إلى نفسها على أنها مقدس يحرم المساس به ولذلك فهي تجدد نفسها وتصحح أخطاءها دائماً عبر صيرورة مستمرة كلام جميل ومعسول، ولكن الدين كذلك يقول ، فالإسلام يجدد نفسه دائماً " إن الله يبعث لأمتي على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها " .
فالعلمانية إذن دين متجدد ، والإسلام أيضاً كذلك والفارق هو أن الإسلام له ثوابته التي لا تُمس بينما العلمانية تدعي أنها متلونة ولا ثوابت لها إلا الواقع بتغيراته وأنماطه المختلفة .
ولكن الإسلام لا يرغم الآخرين على أن يمارسوا شعائره فهم أحرار في دار الإسلام في ممارسة شعائرهم والإسلام يحميهم ، بينما العلمانية في دارها ترغم المسلمة على ممارسة الطقوس العلمانية في السفور والانحلال .
__________________
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
وينكم
__________________________________________________ __________
بارك الله فيك
__________________________________________________ __________
جزاكى الله خيرا
وجعله الله فى ميزان حسناتك
__________________________________________________ __________
جزااكى الله الجنة
__________________________________________________ __________
[SIZE=4] جزاك الله خيرا[/size]